قصه الحضاره (صفحة 16079)

لقد كان قائد القسم الخامس في الجيش المتمركز في جرينوبل قد تلقّى أوامر من باريس بالقبض على نابليون فأرسل كتيبة من 500 جندي لوقف المتمردين الذين اقتربوا· وعندما اقتربت الكتيبة المعترضة وتقارب أفرادها أمر نابليون رجاله بإلقاء أسلحتهم (تنحيتها جانبا) وتقدم هو إلى الصدراة وترجّل متقدما إلى الجنود (المهاجمين) واقترب منهم، وتوقف إزاءهم وخاطبهم: "يا جنود القسم الخامس، أنا إمبراطوركم، ألا تعرفونني؟! ", وكشف عن معطفه العسكري ثم قال: "إن كان بينكم جندي يريد أن يقتل إمبراطوره، فها أنا ذا", فخفض غالبهم أسلحتهم (نحوُّها جانبا) وصاحوا: "عاش الإمبراطور" وتفرقت الكتيبة وتجمع جنودها حول نابليون سعداء محاولين لمسه، فتحدث إليهم نابليون بعاطفة جيَّاشة وعاد إلى جيشه الصغير، وهناك قال: "إن الأمور قد استقرّت وسنصبح في غضون عشرة أيام في التوليري"·

وفي تلك الليلة اقتربوا من جرينوبل فتجمهر مئات الفلاحين والبروليتاريا للترحيب بنابليون، وعندما وجدوا إحدى بوابات المدينة مغلقة كسروها ليتمكن جيشه الصغير من العبور، وترك رجاله المرهقين لينالوا قسطا طيبا من الراحة حتى ظُهر اليوم التالي، وذهب هو نفسه إلى فندق تروا دوفين Trois عز وجلauphins ( الدلافين الثلاثة)، فرحب به رئيس المجلس البلدي ومسئولو الإدارة، بل وجاء القادة العسكريون لتحيته·

وفي الصباح أقبلت إليه وفود أكبر طالبة منه أن يتعهَّد بحكومة دستورية· لقد كان يعلم أنّ جرينوبل كانت في طليعة الثورة وأنها لم تفقد أبداً تعطّشها للحرية فحدّثهم حديث من ترك أفكار تركز السلطة في يد الحاكم (الحكم الاستبدادي) ووعدهم بالإصلاح· لقد اعترف أنه كان أسرف في استخدام السلطة وأنه كان قد سمح للحرب التي كانت دفاعية في الأساس لتصبح موجّهة للغزو فاستنزفت فرنسا تقريبا، ووعد أن يقدم لفرنسا حكومة نيابية على وفق مبادئ 1789 و1792· وقال لهم إن: "أعزّ أمانيه الآن هو أن يُعد ابنه ليكون زعيما ليبراليا جديرا بحكم فرنسا المتنوّرة"·

طور بواسطة نورين ميديا © 2015