لقد تقلّصت القافلة إلى 35,000 وغادرت في اليوم التالي قاصدة فيلنا التي تبعد ستة وأربعين ميلاً· الآن انخفضت الحرارة إلى 30 درجة فهرنهيت تحت الصفر وكانت الرياح على حد تعبير جندي بقي على قيد الحياة تمزق اللحم والعظم· وعندما وصلوا إلى فيلنا (8 ديسمبر) اندفع الجنود الجياع في فوضى لا حدَّ لها نحو المؤن التي تنتظرهم وضاع طعام كثير وسط الفوضى· وواصلوا مسيرتهم وفي 13 ديسمبر وعند كوفنو Kovno عبروا نهر النيمن نفسه وكان عددهم 30,000، بينما شهدهم النهر وقد بلغ عددهم 400,000 يعبرون في شهر يونيو، هنا وعند تيلسيت وعند بوزن Posen سلّم مورا القيادة ليوجين (16 يناير 1813) خائفاً - هو بدوره - على عرشه وأسرع عبر أوربا إلى نابلي· أما يوجين البالغ من العمر ثلاثين عاماً فكان ذا خبرة رغم شبابه، فتولى مسؤولية ما تبقى من الجنود وقادهم بصبر يوماً بعد يوم إلى ضفاف نهر الألب صلى الله عليه وسلمlbe وراح ينتظر أوامر متبنيه (نابليون) ·
ركب نابليون من سمورجوني في أوّل عربة من عربات ثلاث، وكانت كل عربة منها موضوعة على مركبة جليد يجرها حصانان، وكانت إحدى العربات تحمل أصدقاء الإمبراطور ومساعديه وأخرى تحمل حرسا بولنديا من حملة الرماح· لقد ركب نابليون مع كولينكور الذي كان ينظم مسألة تبديل الخيل، ومع الجنرال فونسوفيتش Wonsowicz المترجم الذي عَهِد إليه نابليون بمسدَّسيه قائلاً: "إن حدث خطر حقيقي اقتلني ولا تجعل العدو يأسرني" ومخافة أن يتعرّض للاغتيال أو الأسر، تنكرَّ في لباس كولينكور، بينما ارتدى كولينكور ملابس نابليون· وقد تذكر كولينكور في وقت لاحق ما حدث، إذ قال: "في أثناء مرورنا ببولندا، كنت أنا دائماً المسافر المميّز، وكان الإمبراطور - ببساطة - هو سكرتيري"·