وكارل ماركس - تلميذ هيجل - كان يرى أنَّ الرأسمالية تحوي في طياتها بذور الاشتراكية، بمعنى أن الشكلين الاقتصاديين المتنافسين لا بد أن يتصارعا حتى الموت، وأن الاشتراكية لابد أن تسود، وتنبأ الهيجليون الأكثر تمسكاً بفكر هيجل أن الرأسمالية والاشتراكية سيتحدان معاً كما نرى في أوروبا الغربية الآن· وكان هيجل أكثر الهيجليين تطرفاً· لقد راح يتتبع المقولات - ليُظهر كيف أن كلا منها - بالضرورة - ناتج عن فكرة ونقيضها· ونظم حججه وبراهينه، وحاول أن يقسم كل عمل من أعماله في شكل ثلاثي (الفكرة ونقيضها والترابط بينهما) وطبق ديالكتيكه على الحقائق realities كما طبقه على الأفكار· فأظهر أن التناقض والصراع والترابط Synthesis تظهر في السياسة والاقتصاد والفلسفة والتاريخ·
لقد كان محققا أو واقعيا realist بالمعنى الوسيط (المعنى الذي كان سائدا في العصور الوسطى): فالكون أكثر حقيقة من أي من أجزائه (ذراته) التي ينطوي عليها: فالإنسان يشمل كان البشر من كان منهم حيا أو من أغرق في الموت، والدولة أكثر حقيقة أو أعمق وجودا realer، وأكثر أهمية وأطول عمرا من أي مواطن من مواطنيها وللجمال قوة خالدة يبقي حتى ما مات، فتظل بولين بونابرت Pauline رضي الله عنهonaparte ويبقى الجمال حتى لو أن أفروديت صلى الله عليه وسلمphrodite لم تكن قد وجدت في يوم من الأيام· وأخيرا وجدنا الفيلسوف الملزم (بكسر الزاي) يحمل كوكبة مقولاته على المقولة الأقوى والأشمل والأبقى· إنها الفكرة المجردة التي تتمثل فيها كونية كل شيء أو فكر أو عقل أو تكوين أو قانون، إنها الفكرة التي تمسك بالكون، إنها اللوجوس Logos أو الكلمة التي تجلل الجميع وتحكمه·
3/ 3 - العقل Mind