قصه الحضاره (صفحة 15915)

ونشر وهو في المنصب موسوعة العلوم الفلسفية (1817)، وكان هذا العمل أكثر مدعاة لإطراء المثقفين وحكومة برلين من عمله السابق ( Logik) الذي كان قد سبق نشره في سنة 1812· وسرعان ما دعاه وزير التعليم البروسي ليشغل كرسي الفلسفة الذي ظل شاغراً منذ موت فيشته (1814) · لقد كان هيجل قد بلغ الآن السابعة والأربعين من عمره، فراح يساوم حتى حصل أخيرا على المكافأة التي طال انتظاره لها والتي عوّضته عّما فات·

لقد طلب بالإضافة إلى الراتب السنوي البالغ ألغى تالر Thaler مبلغاً آخر يعوّض غلاء الأسعار والإيجارات في برلين، ومبلغا للأثاث الذي اشتراه والذي عليه أن يبيعه الآن بثمن أقل من الثمن الذي اشتراه به (أي يبيعه بالخسارة) ومبلغاً كمصاريف انتقال (بدل سفر) إلى برلين مع زوجته وأطفاله، وأكثر من هذا فقد كان عليه أن يحب وفرة بعينها في الإنتاج وكان كل هذا مضموناً ففي 22 أكتوبر 1818 بدأ هيجل في جامعة برلين تولِّي منصب الأستاذية حتى وفاته· وفي هذه السنوات الثلاث عشرة عُرِفت محاضراته بالغموض لكنها أخيراً أصبحت ذات معان عميقة فكَثُر مستمعوه شيئاً فشيئاً حتى سعى إليه الطلبةُ من مختلف أنحاء أوروبا بل ومن خارج أوروبا· إنه الآن يقدم لنا أكثر النظم الفكرية اكتمالاً وتأثيراً في التاريخ الأوروبي بعد كانط·

3/ 2 - المنطق كميتا فيزيقا Logic as Metaphysics

لقد بدأ هيجل بالمنطق - ليس بمعناه الذي نعرفه اليوم كقواعد للاستنتاج، وإنما بمعناه القديم والكلاسيكي كنسبة ratio أو عرض للأسباب والمبادئ أو المعنى الأساسي لأي شيء وما ينطوي عليه من عمليات، وذلك على نحو ما نستخدم مصطلحات مثل الجيولوجيا لنعني بهما معنى الأرض وما تنطوي عليه من عمليات أو مصطلح البيولوجيا biology لنعني به معنى الحياة وما تنطوي عليه من عمليات أو مصطلح السيكولوجيا psychology لنعني به معنى العقل أو النفس وما تنطوي عليه من عمليات· وعلى هذا فقد كان المنطق بالنسبة إلى هيجل يدرس معنى أيِّ شيء وما ينطوي عليه من عمليات·

طور بواسطة نورين ميديا © 2015