وانطلاقا من وجهة النظر هذه فإن (الموضوع) والمادة Object هي جزء من الأنا، ولا يمكن أن نعرف أي شيء خارج الأنا صلى الله عليه وسلمgo· تلك هي فلسفة فيشته إلا جانبا واحدا· فوراء النفس المدركة هناك النفس الراغبة (ذات الرغبة) والمريدة (ذات الإرادة) فالأنا (الإيجو صلى الله عليه وسلمgo) هي نظام للدوافع أو البواعث أو المثيرات فكل النظام الذي تتشكل منه أفكارنا يعتمد على دوافعنا وإرادتنا (هنا نجد فيشته يتفق مع سبينوزا Spinoza في قوله إن الرغبة هي الجوهر الصميم للإنسان) كما أن أفكاره هذه تفضي إلى فكرة شوبنهاور Schopenhauer عن (الكون كإرادة will وفكرة idea) ·
والإرادة الطائشة ليست جزءا من الكون (العالم) الموضوعي الذي يبدو خاضعا (أو عبدا) لجبرية تلقائية· من هنا فالإرادة حرة· فالحرية هي جوهر الإنسان لأنها تجعله كائنا مسئولا أخلاقيا، قادرا على الالتزام - بشكل حر - بالقانون الأخلاقي· وكلما مضت الأيام بفيشته طوّر إعجاب كانط بالنظام الفلكي والأخلاقي في لاهوت جديد يفترض قانونا أخلاقيا يحكم الكون ويدعمه كما يحكم شخصية الإنسان ومجتمعاته ويحميهما·
وأخيرا فقد جعل النظام الأخلاقي للكون (بالمعنى السابق) بمعنى قيام كل جزء فيه بخدمة الكل من خلال أدائه لما هو منوط به - جعله هو نفسه الله· فهدف الإنسان الحر وواجبه هو أن يعيش في تناسق harmony ( هارمونية) مع هذا النظام الأخلاقي المقدس· وعلى هذا فالنظام الأخلاقي الكوني ليس مجرد (شخص) وإنما هو (عملية) ويظهر أي هذا النظام بشكل أساس في التطور الأخلاقي للبشرية· فمهمة الإنسان هي أن يعيش متناسقا (في هارمونية) مع النظام المقدس (بالمعنى السابق) · كل هذا يذكرنا مرة أخرى باسبينوزا لكننا نجد فيشته أيضا في سياق آخر متأثرا بهيجل:
"فالنفس الفردية أو الروح الفردية فانية ومع هذا فهي تسهم في خلود هذا (الكل) من النفوس الواعية التي هي الأنا صلى الله عليه وسلمgo الخالصة أو الفكرة أو الروح"·