نعود إلى أوجست شليجل، فقد أصبح في هذا الوقت أشهر محاضر في أوربا، وأدت ترجمته لأعمال شكسبير إلى إحرازه مكانة عالية وأصبح شكسبير (هذا الإليزابيثي العظيم) يكاد يكون ذا شعبية في ألمانيا كشعبية في إنجلترا· ورغم أن أوجست شليجل يُدعى "مؤسس المدرسة الرومانسية في ألمانيا" إلا أنه كانت فيه كثير من صفات العقل الكلاسيكي: النظام والوضوح والتناسب والاعتدال، والتقدم الثابت الوئيد للوصول إلى هدف محدد· وقد تجلت هذه الصفات بشكل أقوى في محاضراته عن الأدب الدرامي التي ألقاها في مدن مختلفة وأعوام مختلفة، وكذلك محاضراته عن شكسبير العامرة بالتعليقات والملاحظات التنويرية، والتي كان ينقذ فيها بشجاعة في بعض الأحيان - شاعره المحبوب (شكسبير) · لقد كتب وليم وهازلت W. Hazlitt في سنة 1817:
"لقد قدم إلى حد بعيد أحسن عرض ظهر لمسرحيات شكسبير ···· إننا نعترف - مع قليل من الغيرة - ·· أننا يجب أن نذكر لناقد غير إنجليزي تقديمه للمبررات التي تؤكد نظرتنا نحن الإنجليز إلى شكسبير" ·
وعندما كانت مدام دي ستيل تطوف ألمانيا بحثا عن مادة لكتابها حثت أوجست شليجل (1804) على أن يذهب معها إلى كوبت Coppet ليدرِّس لأبنائها وليعاونها في إعداد موسوعتها مقابل 12000 فرنك في السنة، فسافر معها أخيرا إلى إيطاليا وفرنسا والنمسا وعاد معها إلى كوبت وظل معها هناك حتى سنة 1811 عندما رضخت السلطات السويسرية لأوامر نابليون فأمرته بمغادرة سويسرا، فذهب إلى فيينا واعترته الدهشة إذ وجد أخاه يحاضر فيها مدافعا عن العصور الوسطى باعتبارها العصر الذهبي الذي شهد وحدة أوربا سياسة وعقيدة·
لقد كانت فيينا هي العاصمة الكاثوليكية لألمانيا وكان فريدريش ودوروثيا قد تحولا للكاثوليكية في سنة 1808· وكانت دوروثيا قد قالت منذ أعوام خلت: "إن صور القديسين والموسيقى الكاثوليكية تهز مشاعري فقررت أنني لو تحولت للمسيحية فسأصبح كاثوليكية" أما فريدريش فون شليجل فعزا تحوله إلى الكاثوليكية إلى ميله للفن a predilection d'artiste وعلى أية حال، فإن الكاثوليكية من نواح كثيرة - باعتبارها مثيرة للخيال والمشاعر والجمال - تبدو ملائمة للمشاعر الرومانسية·