وعندما وصل إلى نيس في 27 مارس وجد أن "الجيش المعد لغزو إيطاليا" ليس على حال يسمح له بمواجهة القوات النمساوية والسردينية التي تسد المدخل الضيق في إيطاليا بين البحر المتوسط وجبال الألب الشاهقة·وكانت قواته مكونه من 43,000 مقاتل شجاع اعتادوا على الحروب في الجبال لكن ملابسهم بائسة ونعالهم بائسة، وطعامهم الكفاف حتى إنهم كانوا يضطرون للسرقة ليظلوا على قيد الحياة، ويكاد لا يصلح منهم لخوض معارك شاقة سوى 30,000، خيولهم قليلة جداً، ويكادون يكونون بلا مدافع· كما أن الجنرالات الذين وضع على رأسهم نابليون ابن السبع والعشرين سنة كانوا مستاءين لتعيينه قائدا لهم وأرادوا أن يشعروه بأنهم أعلى خبرة (هؤلاء الجنرالات هم أوجيرو صلى الله عليه وسلمugereau وماسينا Massena ولاهارب Laharpe سيسورييه Sèsurier) لكن عند أول اجتماع عقده لهم نابليون راعهم شرحه لخططه بوضوح واثق، وإصداره أوامره جلية فسرعان ما أصبحوا له طوعا·
لقد استطاع نابليون أن يفرض نفسه على جنرالاته لكنه لم يستطع أن يحرر نفسه من سحر جوزيفين، فبعد أربعة أيام من وصوله إلى نيس نحى خرائطه ومعاونيه وكتب لها خطابا حارا فيه عاطفة مشبوبة لشاب قد اكتشف لتوه عمق عواطفه الكامنة تحت أحلامه بالسلطة:
نيس في 31 مارس 1796
لا يمر يوم دون أن أتدله في حبك، ولا تمر ليلة إلا وأنا أضمك بذراعي· أنا لا أستطيع أن أشرب كوباً من الشاي دون أن ألعن الطموح المادي (الدنيوي) الذي أبعدني عن روح حياتي· لكن مهما كنت مشغولا بالأعمال أو قيادة جنودي أو التفتيش على المعسكرات، فإن جوزيفين حبيبتي تملأ جوانحي····
إن روحي حزينة وقلبي في الأغلال، وإني أ تخيل أشياء ترعبني، فأنت لا تحبينني كما أحبك، فأنت ستسلين نفسك في مكان آخر······