قصه الحضاره (صفحة 14807)

لهذا ظهر على نحو خاص ما يسمى "الإرهاب الأعظم Great Terror " واستمر من 10 يونيو إلى 27 يوليو سنة 1794، ففي أقل من سبعة أسابيع قطعت المقصلة رقاب 1376 رجل وامرأة، هذا بالإضافة إلى 155 كان قد جرى إعدامهم خلال الواحد والستين أسبوعا، بين مارس 1793 و10 يونيو 1794 · ولاحظ فوكييه تينفيل أن الرؤوس تتدلى من السقف كألواح الاردواز · ولم يعد الناس يذهبون لمشاهدة تنفيذ أحكام الإعدام فقد أصبح المشهد معادا مكررا، وإنما راحوا يعكفون في منازلهم يتحسسون أي كلمة ينطقون بها· وتوقفت الحياة الاجتماعية تقريبا، وكادت المواخير وبيوت الدعارة والحانات تكون خاوية على عروشها· بل وتقلص عدد الحضور في المؤتمر الوطني نفسه، فمن بين 750 عضوا لم يعد يحضر - الآن - سوى 117، وحتى هؤلاء امتنع كثيرون منهم عن التصويت حتى لا يورطوا أنفسهم، وحتى أعضاء اللجنة عاشوا في رعب من أن يقعوا تحت نصل هؤلاء الثلاثة (المتحكمين الجدد) روبيسبير، وكوثو وسان جوست.

وربما كانت الحرب هي التي أدت إلى أن يتبوأ الصدارة أفراد أقوياء عمدوا إلى تركيز السلطة في أيديهم بشكل مثير· وفي أبريل سنة 1794 كان الأمير ساكس كوبرج Saxe-Coburg قد قاد جيشا آخر داخل فرنسا، وكانت أي هزيمة تلحق بالدفاعات الفرنسية كفيلة بإثارة الفوضى والخوف في باريس، وحاول البريطانيون من خلال فرض الحصار البحري منع الإمدادات الأمريكية عن فرنسا ولولا نجاح الدفاعات الفرنسية في إلحاق الهزيمة بالأسطول البريطاني في أول يونيو ما وصلت الحمولات الغالية الثمن إلى بريست رضي الله عنهrest واستطاع الجيش الفرنسي أن يصد الغزاة بالقرب من شارلروي Charleroi (25 يونيو) وبعد ذلك بيوم قاد سان جوست قوة فرنسية لإحراز نصر حاسم في فلورس Fleurus. وانسحب كوبرج Coburg من فرنسا، وفي 27 يوليو عبر جوردا Jourdan وبيشجرو Pichegru الحدود لإقامة الحكم الفرنسي في أنتورب ولييج وقد يكون الانتصار الذي تحقق بصد الغزوة الكبيرة، مما ساهم في تدمير روبيسبير، فأعداؤه الكثيرون كانوا يشعرون أن الدولة والجيش قد يعملان على تفجير صراع مكشوف في قلب الحكومة، صراع لا هوادة فيه·

طور بواسطة نورين ميديا © 2015