قصه الحضاره (صفحة 14729)

وهو - دانتون - كزعيم ضحى بكل شىء حتى النهاية لحماية الثورة من الهجوم الأجنبي ومن الفوضى الداخلية· ولهذه الأغراض كان مستعداً للتعاون مع أي شخص - مع روبيسبير، ومارا والملك، والجيرونديين، لكن روبيسبير كان يحقد عليه، وكان مارا يتهمه، وكان الملك لا يثق به وكان الجيرونديون Girondins حذرين منه بسبب وجهه وصوته وكانوا يرتجفون من تعبيراته المنطوية على الازدراء· ومع هذا فلم يكن أي من هؤلاء بقادر على أن يتجاهل وجوده فقد نظم أمور الحرب وتفاوض من أجل السلم وكان يزأر كالأسد وهو يتحدث عن الرحمة وحارب من أجل الثورة وساعد بعض الملكيين على الهرب خارج فرنسا ·

وكوزير للعدل عمل على توحيد كل الفصائل الثورية كلها لرد الغزاة، وتحمل مسئولية إثارة الجماهير في 10 أغسطس فالحرب في حاجة لدعم هذه الأرواح المثمرة فمنهم يمكن تجنيد جنود متوقدين حماسة، لكنه لم يشجع المحاولات غير الناضجة لدعم الثورات على الملوك الأجانب (الملوك خارج فرنسا) فهذا قد يؤدي إلى اتحاد الملكيات في عدائها ضد فرنسا· وقاوم اقتراح الجيرونديين بانسحاب الحكومة والجمعية إلى ما وراء اللوار Loire فمثل هذا التراجع لا بد أن يحطم معنويات الشعب·

لقد انقضى وقت المناقشات وحان وقت العمل لبناء قوات مسلحة جديدة وتحصين أفرادها بالروح العالية والثقة، وفي 2 سبتمبر سنة 1792 ألقى خطابا مشحونا بالعواطف والانفعالات وردت فيه فقرة حركت المشاعر في فرنسا ودوت في هذا القرن العامر بالاضطرابات· ودخلت القوات البروسية النمساوية فرنسا وحققت نصرا تلو نصر، واضطربت باريس وترددت بين الاستجابة العازمة المصممة والخوف المربك· وتحدث دانتون للمجلس التنفيذي وذهب إلى الجمعية لبث الحماس في أعضائها وفي الأمة كلها كي يتشجعوا ويتحركوا:

"إنه لأمر مرض لوزير في دولة حرة أن يعلن لهم أن بلادهم قد نجت فالكل مستثار والكل متحمس، والكل تواق للنضال··· فجانب من شعبنا سيحرس حدودنا وجانب آخر سيقيم الحصون ويسلحها، وجانب سيدافع عن داخل مدننا بالرماح··· إنني أطالبكم بإعدام أي شخص يرفض تقديم ما يقدر عليه سواء خدماته الشخصية أم تزويد القوات المسلحة بما يحتاجه····

طور بواسطة نورين ميديا © 2015