ويقوم "المواطنون الفعالون" ويقصد بهم فقط أولئك الذكور البالغون ذوو الممتلكات الذين يدفع الواحد منهم ضريبة مباشرة تبلغ ما يساوي قيمة عمل ثلاثة أيام، وهذا التعريف يشمل الفلاحين الأثرياء لكنه لا يشمل الأجراء والبرولتياريا، إذ جرى اعتبار هؤلاء "مواطنين سلبيين" لأنه يسهل على سادتهم وعلى الصحفيين التأثير فيهم ليصبحوا أداة للفوضى والعنف والتراجع· وعلى وفق هذا الترتيب تمتع 4,298,360 رجلا (من بين 25 مليون نفس) بحق الانتخاب في فرنسا في سنة 1791، وأصبح ثلاثة ملايين بالغ لا حق لهم في التصويت· لقد أقرت الجمعية الوطنية البورجوازية ثورة البورجوازيين خوفاً من جماهير المدينة (باريس) ·
وقسم الدستور فرنسا على وفق أغراض انتخابية وإدارية إلى ثلاث وثمانين دائرة (محافظة أو قسم إداري كبير) تنقسم كل دائرة منها إلى بلديات (كومونات Communes) بلغت 43,360 كومون (بلدية) · لقد أصبحت فرنسا للمرة الأولى أمة موحدة بلا أقاليم أو مناطق ذوات امتيازات وبلا رسوم انتقال داخلي، وأصبحت مناطق فرنسا جميعا تستخدم نظاما واحدا للمقاييس والمكاييل وتخضع للقوانين نفسها· والعقوبات حددها القانون ولم تعد على وفق تقدير القاضي، وتم إبطال التعذيب والتشهير والكي بالنار، ومع هذا فقد تم الإبقاء على عقوبة الإعدام، وكان هذا مثار سخط روبيسبير Robespierre، وأصبح المتهمون بارتكاب جرائم يمكنهم أن يختاروا المحاكمة أمام هيئة محلفين من "المواطنين الفعالين" تختارهم الهيئة القضائية، ويكفي أن يؤيد ثلاثة من اثني عشر عضوا في هذه الهيئة تبرئة المتهم، لاعتماد براءته· ويقضي القضاة في القضايا المدنية·
أما البرلمانات القديمة التي كانت سببا في ظهور أرستقراطية ثانية فقد حلت محلها نظم قضائية جديدة تقوم جمعيات منتخبة بتعيين أفرادها· أما المحكمة العليا فيتم اختيارها من ممثلي العدالة في المحاكم الجنائية الأدنى درجة، بحيث يكون في هذه المحكمة العليا عضوان من كل محافظة (دائرة) ·