وربما كان الشعور بالذنب الذي يعتريه عنيفا حينا، وهوناً حيناً هو الذي جعله متسامحا جداً مع زوجته؛ متسامحاً إزاء مقامرتها ومغامرتها في لعب الورق (الكوتشينة)، متسامحا إزاء مبالغتها في اقتناء الثياب، متسامحا إزاء رحلاتها المتكررة إلى باريس لحضور الأوبرا، وتحمل صداقتها الأفلاطونية بالكونت فون فيرسن Count Von Fersen وصداقتها للأميرة دى لامبل de Lamballe وممارستها السِّحاق معها في ظل هذه الصداقة· لقد كان الملك بتكريسه نفسه لزوجته بشكل واضح يسلي حاشيته ويسعدها لكن هذا كان مدعاة لخجل أجداده·
وكان الملك يقدم لها الجواهر الغالية، لكنها - وكذلك فرنسا- كانت أكثر حاجة إلى طفل· وعندما أتى الأطفال أثبتت أنها أم صالحة وانشغلت بمتاعبهم وقللت من غلوائها، واعتدلت في أمورها كلها خلا كبريائها، وتدخلها المتكرر في أمور الدولة (شئون الحكم)، وفي هذه كان لها بعض العذر لأن لويس كان قلما يحسم الأمور أو يحدد المسار أو يختار بين البدائل بل كان غالباً ينتظر الملكة لتنظم له تفكيره، وكان بعض أفراد الحاشية يتمنون لو كان له قدرتها على تقدير الأمور بسرعة واستعدادها للقيادة·
لقد فعل الملك كل ما استطاع لمواجهة المصائب والأزمات التي سببها له سوء الأحوال الجوية والمجاعة والشغب بسبب عدم توفر الخبز، والثورات ضد الضرائب، ومطالب النبلاء والبرلمان، ونفقات البلاط والإدارة وزيادة العجز في الخزانة·وظل طوال عامين (1774 - 1776) يسمح لتورجو Turgot بتطبيق نظرية الفيزيوقراطين (الطبيعيين) والتي مؤداها أن إطلاق الحرية للمشروعات الخاصة والمنافسة وعدم إعاقة قوانين السوق المتحكمة - قانون العرض والطلب - سينعش الاقتصاد الفرنسي ويضيف عوائد جديدة للدولة، وأنه من الضروري تطبيق هذه النظرية على أجور العمال وأسعار البضائع· لكن أهل باريس قد اعتادوا التفكير في أن الحكومة هي الملاذ الوحيد الذي يحميهم من جشع المضاربين في السوق، لذا فقد عارضوا إجراءات تورجو Turgot وقاموا بأعمال شغب، واعترتهم البهجة عند سقوطه (أي سقوط حكومة تورجو) ·