وكان على الفلاح أن يدعم الكنيسة التي تبارك محصوله وتهيئ أطفاله للطاعة والإيمان وتشرف حياته بالطقوس والأسرار المقدسة، بأن يدفع لها سنويا العشور ( tenth وإن كانت عادة ما تكون أقل من العشر) من محصوله وما ينتجه· وكانت الضرائب التي تفرضها الدولة عليه أشد وطأة من العشور والمستحقات الإقطاعية، فقد فرضت الدولة ضريبة الرأس كما فرضت عليه نصف العشر Vingtieme عن دخله السنوي، وفرضت عليه ضريبة المبيعات عن كل ما يشتريه من مشغولات ذهبية وفضية أو منتجات معدنية أو كحول أو ورق أو نشا····· وفرضت عليه مصلحة الملح أن يشترى كل عام كمية محددة من الملح من الحكومة بالسعر الذي تحدده (أي تحدده الحكومة) · وعلى هذا فقد كان العبء الأساسي لدعم الدولة والكنيسة - زمن الحرب وزمن السلم - يقع على كاهل الفلاحين، أما النبلاء والإكليروس فقد كانوا يجدون طرائق قانونية أو غير قانونية للتخلص من كثير من هذه الضرائب وكان الشباب الأثرياء يمكنهم زمن الحرب أن يدفعوا "البدلية" (مبلغ لقاء عدم التحاقهم بالقوات المقاتلة) ·
وكان من الممكن تحمل هذه الضرائب والعشور والمستحقات الإقطاعية طالما كان المحصول طيباً، لكن حالهم يصبح بائساً في أثناء الخراب الذي تسببه الحروب أو تقلبات المناخ فيصبح المحصول غير مجز ويضيع شقاء العام هباء، ساعتها يبيع الفلاحون الملاك أراضيهم أو عملهم أو كليهما للمغامرين المحظوظين المغرمين بشراء الأراضي الزراعية·
واتسم عام 1788 بكثرة مصائبه التي انهالت عليهم بلا رحمة، فقد أدى الجفاف الشديد إلى نقص شديد في المحصول ودمرت العواصف المصحوبة بالبَرَد 180 ميلا من الأراضي الزراعية الخصبة عادة من نورمنديا Normandy إلى شمبانيا Champagne، وكان شتاء 1788/ 1789 هو أقسى شتاء مر بالبلاد منذ ثمانين عاما، ففنيت آلاف من أشجار الفاكهة، وشهد ربيع سنة 1789 فيضانات مدمرة، أما الصيف فكان مصحوبا بمجاعة في المقاطعات تقريبا كلها·