قصه الحضاره (صفحة 14659)

لقد كان أفراد الطبقة الوسطى هم الذين يملئون المسارح وهم الذي يصفقون لقصائد بومارشيه رضي الله عنهeaumarchais التي يهجو فيها الأرستقراطيين· لقد كان أفراد الطبقة الوسطى هم الذين التحقوا - أكثر من أفراد طبقة النبلاء - بالمحافل الماسونية Freemason lodges ليعملوا على تحقيق الحرية في الحياة والفكر، لقد كانوا هم الذين يقرءون فولتير Voltaire ويستطيبون سخريته اللاذعة، ويتفقون مع جيبون Gibbon فيما ذهب إليه من أن الأديان كلها - بالنسبة للفيلسوف - زائفة، وهي - أي الأديان بالنسبة للحكومات (رجال الدولة) مفيدة· وكانوا في السر يبدون إعجابا بالمذهب المادي الذي قال به دهولباخ وهيلفيتيوس d'Holbach and Helvetius وقد لا يكون هذا المذهب صحيحا تماما أمام أسرار الحياة والنفس البشرية، لكنه كان سلاحا جاهزا يمكن شهره في وجه الكنيسة التي تتحكم في عقول ونفوس معظم الفرنسيين وفي نصف ثروة فرنسا· وكانوا متفقين مع ديدرو عز وجلiderot، ولم يكونوا مولعين بروسو Rousseau الذي يشتم منه طعم الاشتراكية ويفوح منه معنى اليقين لكنهم هم - أكثر من أي شريحة أخرى في المجتمع الفرنسي - الذين شعروا بتأثير الآداب والفلسفة وعملوا على نشرهما·

وكان الفلاسفة بشكل عام معتدلين في سياساتهم· لقد قبلوا الملكية ولم يرفضوا عطايا الملك، وولوا وجوههم شطر الحكام المتنورين مثل فريدريك الثاني Frederick II في بروسيا، وجوزيف الثاني Joseph II في النمسا بل وحتى كاترين الثانية Catherine II في روسيا، أكثر مما ولوا وجوههم شطر الجماهير الأمية العاطفية، واعتبر الفلاسفةُ (المفكرون) هؤلاء الحكامَ المتنورين هم مهندسى الإصلاح· ووضع الفلاسفة ثقتهم في العقل رغم إدراكهم قصوره· لقد كسر هؤلاء الفلاسفة (المفكرون عامة) وصاية الكنيسة والدولة ورقابتهما على الفكر وفتحوا ملايين العقول ووسعوا من آفاقها، لقد مهدوا لانتصارات العلم في القرن التاسع عشر، رغم أن لافوازيه Lavoisier ولابلاس Laplace ولامارك Lamarck شهدوا الهياج في أثناء الثورة وما صاحبها من حروب·

طور بواسطة نورين ميديا © 2015