وكانت الطبقة الوسطى العليا تقبض على زمام السلطة الصاعدة متسعة المدى وتديرها: كان لها السلطان على عملية انتقال الأموال وحركتها ورؤوس الأموال، وكانت تمارس هذه العملية بشدة وجرأة تتسم بالمغامرة، وكانت - في ذلك - تدخل في منافسة واسعة المدى مع الذين يمتلكون السلطان على الاقتصاد الزراعي الإستاتيكي المتسم بالسكون Static ومع العقيدة الآفلة· لقد دخلوا في مضاربات تجارية في أسواق الأوراق المالية في باريس ولندن وأمستردام، فتحكموا - على وفق لتقديرات نيكر Necker - في نصف أموال أوروبا ·
وكانوا يمدون الحكومة الفرنسية بالقروض ذوات الفوائد وكانوا يهددون بإسقاطها في حالة عدم سداد هذه الديون وعدم سداد ما اشترته الحكومة بالديون· وكانوا يمتلكون - أو يديرون - صناعة استخراج المعادن وتعدينها في شمال فرنسا، وصناعة النسيج في ليون Lyons وتروي Troyes وأبيفيل صلى الله عليه وسلمbbeville وليل Lille ورون Rouen، وأعمال استخراج الحديد والملح في اللورين Lorraine ومصانع الصابون في مرسيليا Marseilles ومدابغ الجلود في باريس·
لقد أداروا الصناعة الرأسمالية التي حلت محل دكاكين الحرف والنقابات الحرفية التي كانت سائدة في الماضي، وكانوا من أنصار المذهب الفزيوقراطي Physiocrats المنادي بأن المشروع الحر (غير المرتبط بالدولة) أكثر إنتاجية ولدى القائمين عليه حوافز أقوى ودوافع أشد من المشروع التقليدي المرتبط بالتنظيمات والقواعد التقليدية التي تفرضها الدولة؛ سواء كان مشروعاً صناعيا أم تجاريا· لقد مولوا ونظموا الصناعات التحويلية (تحويل المواد الخام إلى بضائع) وراحوا ينقلون هذه البضائع من المنتج إلى المستهلك ليحققوا من كليهما ربحا· لقد استفادوا من ثلاثين ألف ميل من أفضل الطرق في أوربا لكنهم اعترضوا على الرسوم المعوقة التي كانت تفرض على استخدام طرق فرنسا وقنواتها، كما اعترضوا على اختلاف الموازين والمقاييس نتيجة تمسك بعض الولايات المقاطعات Provinces بها بسبب عوامل الغيرة·