إذ نجد أن مور Moore يذكر أن سيرفيتوس كان يعتقد أن المسيح نفسه هو الله، ثم يعود الكاتب نفسه فيورد نصا لاتينيا يستخلص منه أن سيرفيتوس قد وضع المسيح (عليه السلام) في مرتبة أقل، ويذكر باحث آخر أن سيرفيتوس كان باختصار ينكر قدسية المسيح· ولسنا نجد تفسيرا لموقف الذين قالوا إن سيرفيتوس ذكر أن المسيح نفسه هو الله، إلا أنهم بعد إحراق الرجل أرادوا أن يخففوا التهمة الموجه إليه، على اعتبار أن إنكار إلوهية المسيح، هو أقصى درجات الكفر بالنسبة للمجتمع المسيحي، سواء كان كاثوليكياً أم بروتستنتياً·
ولما كان سيرفيتوس أحد علماء عصره، ومخافة أن يتأثر بأفكاره الدينية قوم آخرون، لذا جرى تشويه هذه الآراء· وتلك مسألة معروفة في التاريخ الكنسي خاصة، وتاريخ الفكر عامة، ولا نعدم شبيها لهذا في تاريخ الفكر الإسلامي إذ كثيرا ما شوه أعداء الإسلام أفكار بعض مفكريه بعد مماتهم· على كل حال، لقد كان ميلانشتون، ساعد مارتن لوثر الأيمن، قد كتب إلى كالفن ذاكرا أن سيرفيتوس يستحق كل عقاب، وأنه - أي ميلانشتون - يوافق على أي عقاب ينزل به· والواقع أن كالفن لم يكن يطيق المختلفين معه في الرأي، فقد أجبر على سبيل المثال لاهوتياً آخر على مغادرة جنيف وهو كاستليو Sebastian Castellio فتركها له سنة 1544م·
ومهما يكن من أمر فقد رفضت الكنائس الأوروبية اعتبار المناهضين للتثليث مسيحيين بينما اعتبروا هم أنفسهم المسيحيين الحقيقيين، ورأى عدد كبير من المسيحيين وهو عدد ليس بالقليل أن المسيح مجرد شخص مميز ورفضت الكنائس الأوروبية الرسمية ذلك· تبلور حركة المناداة بالتسامح الديني نتيجة اضطهاد المناهضين للتثليث·