ردحاً طويلاً يأبى أن يبرح فراشه أو يحلق لحيته. وجربت إيزابيللا عشرات الوسائل لشفائه أو تهدئته، ولكنها أخفقت كلها إلا واحدة. ففي 1737 أقنعت فارنيللي بأساليب الملاطفة والتملق أن يجيء إلى أسبانيا. وذات ليلة، في جناح ملاصق لجناح الملك، رتبت حفلاً موسيقياً عنى فيه "الخصي" العظيم لحنين من تأليف هاسي. ونهض فليب من فراشه لينظر خلال الباب ويرى أي قوة استطاعت أن تشدو بهذه الأصوات الساحرة. وجاءته إيزابيللا بفارينللي، فأثنى عليه الملك وعانقه وأمره بأن يطلب ما شاء من مكافأة فتوهب له مهما غلت. وكانت الملكة قد أوصت المغني بما يجيب، فلم يطلب إلا أن يسمح الملك بأن تحلق لحيته وأن يرتدي ثيابه ويحضر المجلس الملكي. ووافق الملك وخفت مخاوفه، وبدا أنه شفي كأنما بمعجزة. ولكن حين أقبل المساء التالي أرسل في طلب فارنيللي ورجاه أن يغني هاتين الأغنيتين ذاتهما ثانية، إذ لم يكن في الإمكان تهدئته لينام إلا بهذه الطريقة. وهكذا استمرت الحال ليلة إثر ليلة طوال عشر سنين. وكان أجر فارنيللي 200. 000 ريال في العام، ولكن لم يسمح له بالغناء إلا في البلاط. وتقبل هو الشرط شاكراً، ومع أن نفوذه على الملك كان أقوى من نفوذ أي من وزرائه، فأنه لم يستغله وأستعمله دائماً للخير؛ وظل بريئاً من روح الرشوة وأكتسب إعجاب الجميع (16).
وفي 1746 أمر فليب أن يقام 100. 000 قداس لخلاص نفسه. فإذا لم يكن ثمة حاجة لهذا العدد الكبير ليدخل به الجنة فليوهب الفائض للنفوس المسكينة التي لم يتح لها مثل هذا الاستعداد (17). في ذلك العام قضى فليب نحبه.
1746 - 1759
وخلفه على العرش ثاني أبنائه من زوجته الأولى، فأعطى أسبانيا ثلاثة عشر عاماً من الحكم الشافي من عللها. وعمرت إيزابيللا حتى سنة 1766،