قصه الحضاره (صفحة 12869)

وإذا لم يكن ثمة تحسين في الغايات والأغراض أو الرغبات فلن يكون التقدم إلا وهماً وخداعاً. إن العقل يعمل على تحسين الوسائل ولكن الغايات تحددها الغرائز التي تتشكل قبل المولد وتتكون قبل نمو العقل.

فولتير: أنا ما زلت اثق في ذكاء الإنسان، أننا سنحسن الغايات والوسائل معاً إذا صرنا أكثر اطمئناناً وأمناً على حياتنا.

بندكت: هل ستصبح أكثر أمناً اطمئناناً؟ هل ينخفض معدل الجريمة العنيفة؟ هل الحرب أقل فظاعة وبشاعة من ذي قبل؟ أنك تتعلق بأمل كاذب في أن قوة التدمير في أسلحتكم سوف تعوقكم وتعوق أعداءكم عن الحرب. ولكن هله التقدم المتكافئ من السهم إلى القنبلة سيعوق الأمو عن تحدي بعضها بعضاً حتى الموت؟

فولتير: إن تعليم الجنس البشري سيستغرق عدة قرون.

بندكت: في نفس الوقت أنظر إلى الخراب الروحي الذي نشرته دعايتكم. وربما كان هذا كارثة أفظع من أي خراب في المدن. أليس الإلحاد مقدمة لتشاؤم أعمق من أي تشاؤم عرفه المؤمنون؟ وأنت أيها الفتى الذائع الصيت، ألم تفكر كثيراً في الانتحار؟

فولتير: نعم، وحاولت أن أومن بالله، ولكني أعترف لك أن الله لم يعد شيئاً قي حياتي، وفي دخيلة نفسي شعرت أيضاً بفراغ في موضع إيمان طفولتي، ولكن يحتمل أن يكون هذا هو إحساس أفراد وأجيال في فترة انتقال فقط. ولكن حفدة هؤلاء المتشائمين سيمرحون ويسرحون في حرية حياتهم، وتتهيأ لهم سعادة أكثر من المسيحيين المساكين الذين أظلمت حياتهم بالخوف من الجحيم.

بندكت: إن هذا الخوف لم يلعب إلا دوراً صغيراً في الحياة الغالبية العظمى من المؤمنين. إن ما أثلج صدورهم هو إحساسهم بأن سكرات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015