الكون المادي والإنسان ليسا إلا مظاهر الذات الإلهية). هذه التقوى لا تكاد تتسق مع نظرة دي هولباخ إلى الطبيعة على أنها تنزل الخير والشر دون تحيز، "إن الرياح والعواصف والزوابع والبراكين والحروب والطاعون والمرض كلها ضرورية لمسيرتها الأبدية (وليس في كل مكان) مثل حرارة الشمس الصحية المفيدة (120) وهكذا يذكرنا بإله كلفن الضنين بالجنة المسرف في عذاب النار".
إن دي هولباخ في حالته النفسية المميزة ينكر لا مجرد فكرة الله، بل نفس لفضته إن لفضتي الإله ويخلق ... ينبغي أن تختفيا من لغة أولئك الذين يريدون التحدث بلغة مفهومة. إن هاتين لفظتان مجردتان ابتدعهما الجهل، إنهما مبتدعتان لإرضاء من تعوزهم الخبرة، الخاملين والجبناء إلى الحد الذي لا يدرسون معه الطبيعة وأساليبها (121). وأنه ليرفض البروبية التي تنسجم مع الخرافة (122) وتصنع من الإلحاد ديناً حقيقياً.
"إن صديق الجنس البشري لا يمكن أن يكون صديقاً للإله الذي كان في كل الأوقات سوطاً مسلطاً على الأرض. إن رسول الطبيعة لن يكون أداة الأوهام المظللة التي تجعل الدنيا مقراً للخداع. إن من يقدس الحقيقة لن ينسجم مع الزيف والباطل. إنه يعلم أن سعادة الجنس البشري تقتضي بشكل لا رجعة فيه، تقويض صرح الخرافة المظلم المقلقل من أساسه، لكي يقيم على أطلاله معبداً للطبيعة ملائماً للسلام - هيكلاً مقدساً للفضيلة ... فإذا ذهبت جهوده أدراج الرياح وإذا لم يستطع أن يبث الشجاعة في الكائنات التي اعتادت أن ترتعد فرائصها جبناً، فإن له على الأقل أن يفاخر بتجاسره على أن يقوم بالمحاولة. وعلى الرغم من ذلك فإنه يحكم على جهوده بأنها عقيمة إذا استطاع أن يجعل إنساناً واحداً سعيداً أو يهدئ من اضطرابات ذهن مستقيم واحد، وأقل ما يقال أنه سوف يفيد من تحرير ذهنه هو من إرهاب الخرافة المزعج ... ومن أنه وطئ تحت قدميه الأوهام التي تقض مضاجع المنكودي الحظ وتعذبهم. وإذ نجا على هذا النحو من خطر العاصفة استطاع