منزلا من عند الله؟ لماذا لم تنته سلسلتا النسب هاتان بيوسف إذا كان سيعفي سريعاً من إنجاب يسوع، لماذا يمتدح أبن الله بأنه أبن داود الذي كان زانياً بكل معنى الكلمة؟ وهل تنطبق نبوءات العهد القديم على المسيح، أم أن هذه التطبيقات مجرد للقوة اللاهوتية؟ وهل كانت معجزات العهد الجديد حيلاً أو خداعات ورعة، أم كانت عمليات طبيعية أسئ فهمها؟ وهل نصدق هذه لحكايات أم نتبع العقل؟ وصوت جان إلى جانب العقل وأيده:
"لن أضحي بعقلي، لأن عقلي وحده يمكنني من التمييز بين الخير والشر وبين الحق والضلال ... لن أتخلى عن الخبرة لأنها مرشد وهاد أفضل بكثير من الخيال، أو من سلطان المرشدين الذين أرادوا أن يزودوني به. لن أرتاب في حواسي. ولست أتجاهل أنها يمكن أحياناً تؤدي إلى الخطأ. ولكني من جهة أخرى أدرك أنها لن تضللني دائماً ... إن حواسي تكفي لتصحيح الأحكام والقرارات المتسرعة التي ملت إلى اتخاذها (14).
ولم يجد جان في العقل مسوغاً للإيمان بالإرادة الحرة أو خلود النفس، ورأى أنه "يجدر بنا أن نكون شاكرين أن تهيأ لنا جميعاً نوم أبدى بعد نصب وصخب الحياة الدنيا التي تسبب المشقة أكثر مما تسبب اللذة لغالبيتنا ... عودوا جميعاً في سلام إلى المستقر العام الذي جئتم منه، ومروا دون ضجة أو تذمر مثل كل الكائنات التي حولكم" (15). وعلى أولئك الذين دافعوا عن فكرة الجنة، من قبيل العزاء، أجاب "بأن أقلية ضئيلة، على زعمها، حققت هذا الهدف، على حين كان مآل الأغلبية إلى الجحيم. فكيف إذن يمكن أن تكون فكرة الخلود عزاء؟ إن العقيدة التي تخلصني من المخاوف الرهيبة ... تبدو مرغوباً فيها أكثر من الشك الذي تركني مؤمناً باله يتحكم في عطفه فلا يمنحه إلا لذوي الحظوة لديه، ويهيئ للآخرين السبيل ليكونوا جديرين بالعذاب الأبدي، فكيف يمكن لأي إنسان متحضر أن يؤمن باله يحكم على المخلوقات بالخلود في الجحيم؟ ".