وفي 1724 صدق لويس الخامس عشر على إنشاء خمسة كراسي للجراحة في كلية سان-كوم بباريس. واحتجت كلية الطب بجامعة باريس على رفع الجراحة إلى مثل هذا المقام الكريم، وزحف الأطباء-وهم يرفلون في أروابهم الجامعية الحمراء ويتقدمهم حامل صولجان ومناد-على سان كوم حيث كانت تلقى محاضرة في الجراحة، فلما وجدوا الباب مغلقا حاولوا فتحه عنوة وتصايحوا بالشتائم والسباب، ناعتين الجراحين بأنهم حلاقون محدثوا نعمة، ولكن الجمع الذي احتشد انقلب على الأطباء وطردهم من المكان. وفي 1731 حصل جورج اريشال وفرنسوا دلابيروني على براءة ملكية بتأسيس "أكاديمية الجراحة"، وفي 1743 أصدر الملك أمرا حرر جراحي فرنسا من ارتباطهم بطائفة الحلاقين، واشترط الحصول على درجة من الكلية لممارسة الجراحة. ومن يومها استطاع الجراح أن يواجه الطبيب في غير خجل ولا أحجام.
وحدث تطور مماثل لهذا في إنجلترا. ففي 1745 فصل الجراحين. رسميا عن الحلاقين، وتقرر اعتبار ممارسة الجراحة في لندن أو بقربها دون امتحان وإجازة تمنحها لجنة من كبار الجراحين جريمة يعاقب عليها القانون. على أن "كلية الجراحين الملكية" لم يصدر بها ترخيص رسمي إلا سنة 1800. أما في ألمانيا فقد كانت الجراحة عموما قبل فردريك الأكبر في أيدي الحلاقين والجلادين، والمتجولين من الممارسين غير المرخصين، الذين يجبرون العظام ويزيلون السد (الكتركته)، ويربطون الفتق، ويستأصلون الحصى. وكان الجراح في الجيش-وهو مفخرة بروسيا- يسمى"فيلدشيرر"، أي حلاق الميدان، لأن من وظائفه الحلاقة للضباط ولكن في 1724 فتحت في برلين كلية للطب والجراحة.
وكانت كثرة جراحي القرن الثامن عشر العظام من الفرنسيون. واخترع لوي بتي "المرقأة" (ضاعظة الشرايين) وأدخل تحسينات على عمليات البتر والعنق وقد أجرى ديدرو في كتابه "حلم دالامبير" على لسان الطبيب الشهير تيوفيل دبوردي دبور دي وصفا لجراحة على المخ يجريها لابيروني. وقد