العقاقير أو الحيل لعلاج الضحايا أو تهدئتهم -كالأفيون، أو الكافور، أو البلادونا (ست الحسن)، أو الفصد، أو الحقن الشرجية، أو لزقة الخردل على الرأس. وذهب بعض المتخصصين إلى أن "دوشا" فجائياً من الماء البارد يخفف من السوداء (المنخوليا)، وأوصى غيرهم بالزواج علاجاً للجنون. أما أول خطوة حديثة نحو علاج أرشد للجنون فقد اتخذها كويكريو بنسلفانيا الذين أسسوا مستشفيات يعالج فيها الجنون على أنه مرض. وفي عام 1774 أسس الغراندوق ليوبولد الأول أمير تسكانيا في فلورنسه الأوسبدالي بونيفاتسيو، حيث بدأ، باشراف فنتشنتسو كياروجي، تناول المشكلة تناولا علمياً. وفي 1788 عينت الحكومة الفرنسية لجنة لإصلاح رعاية المجانين، وكان رئيس اللجنة، فليب بينيل قد بدأ حياته تلميذاً للاهوت، ثم انتقل إلى الفلسفة، وتشرب المبادئ الإنسانية التي نادى بها فولتير، وديدور، وروسو. وفي 1791 نشر كتابه "رسالة طبية فلسفية في الغربة العقلية" وهو واحد من معالم الطب الحديث، وفي 1792 عين مديراً طبيا للبيسيتر، وكان من أكبر مستشفيات الأمراض العقلية في فرنسا. وبعد عامين رقي لمستشفى أكبر هو سالبتريير وبعد أن وجه النداءات الكثيرة لحكومة الثورة، سمح له بأن يحطم سلاسل مرضاه، وأن يطلقهم من زنزاناتهم ويعطيهم الهواء النقي وضؤ الشمس، والرياضة، والأعمال العقلية المتدرجة. وكان هذا واحداً من الانتصارات الكثيرة التي حققتها النزعة الإنسانية العلمانية في أشد القرون إمعاناً في اللا أدرية.
5 - الجراحات
كانت الجراحة أهم تقدم أحرزه طب القرن الثامن عشر باستثناء تطور التطعيم إلى التلقيح. وقد عمرت الرابطة القديمة بين الجراحة وفن الحلاق الصحي حتى عام 1745 في إنجلترا، أما في فرنسا فقد أنهاها لويس الرابع عشر. (وما زال شعار هذا الحلاق-وهو العمود المخطط بالأحمر والأبيض رمزاً للضمادة الملوثة بالدم -يذكرنا بماضيه الجراحي).