للمؤلفين، وقارن بين هذا الوضع وما صار إليه أمر أكبر شعراء فرنسا، الذي زج به في السجن لأنه استاء من إهانة نبيل له.
ومن الأدب انتقل إلى العلم، فالتقى بأعضاء الجمعية الملكية، وبدأ يدرس نيوتن تلك الدراسة التي أتاحت له بعد ذلك أن يحل نيوتن محل ديكارت في فرنسا. وتأثر تأثراً عميقاً بالجنازة الرسمية التي شيعت بها صفوة الإنجليز نيوتن، ولاحظ كيف رحبت الكنيسة الأنجليكانية بعلام يدفن في دير وستمنستر. ومع أنه كان قد أصبح ربوبياً قبل زيارته لإنجلترا-إذ تعلم فن الشك من رابليه ومونتيني وجاسندي وفونتنيل وبيل-فإنه الآن اتخذ دعماً له من ربوبيي إنجلترا-من تولاند وولستن وتندال وتشب وكولنز ومدلتن وبولنبروك؛ وسيسلح مكتبته بكتبهم في فترة لاحقة، وكان أقوى حتى من هؤلاء تأثير لوك الذي امتدحته فولتير لأنه أول من درس العقل دراسة واقعية. ولاحظ أن القليل جداً من هؤلاء المهرطقين المصرين على هرطقتهم سجنوا بسبب آرائهم. ثم لاحظ نمو التسامح الديني منذ 1689، وذهب إلى أنه لا يوجد في إنجلترا تعصب دين أعمى، وحتى الكويكرز خفت فورتهم فغدوا رجال أعمال هادئين. وزار أحدهم، وسره بأن ينبأ بأن بنسلفانيا بلد مثالي يخلو من الطبقات والحروب والأعداء (84).
كتب بعد ذلك غلى مدام دو دفان يقول "ما أشد حبي للإنجليز، ما أشد حبي لهؤلاء القوم الذين يقولون ما يعتقدون (85)! " وعاد يقول:
"انظري ما حققته قوانين الإنجليز، لقد ردت لكل إنسان حقوقه الطبيعية التي سلبته إياها كل النظم الملكية تقريباً. وهذه الحقوق هي: الحرية الكاملة للفرد وما يملك؛ وحقه في أن يكلم الناس بقلمه؛ وأن يحاكمه محلفون من الرجال الأحرار إذا اتهم بجريمة؛ وألا يحاكم في أي أمر إلا طبقاً لقوانين محددة؛ وأن يجهر وقت السلم بالدين الذي يفضله أياً كان، مع البعد عن تلك المناصب التي لا يختار لها إلا أعضاء الكنيسة الأنجليكانية (86) ".
والسطر الأخير يدل على أن فولتير أدرك حدود الحرية الإنجليزية. فقد عرف أن الحرية الدينية لم تكن قط كاملة، وقد سجل