قصه الحضاره (صفحة 11644)

أيها السادة، أنا واثق أنكم ستذكرونني أحياناً (93).

وطلب إلى دوقة فنتادور إحضار حفيده وكان في سن الخامسة، فقال له، طبقاً لرواية الدوقة: -

أي بني، انك ستصبح ملكاً عظيماً، لا تتبع مسلكي في البناء أو في الحرب، حاول، على العكس، أن تكون في سلام مع جيرانك. اترك ما لله لله، ووف بالتزاماتك نحو الله، واحمل رعاياك على تقديسه وطاعته، وحاول أن تخفف عن شعبك، وهذا ما لم أفعله أنا، لسوء الحظ. ولدي العزيز، أني أمنحك بركتي من كل قلبي (94).

والتفت إلى اثنين من الخدم رآهما يذرفان الدمع وقال "لماذا تبكيان، هل ظننتما أني مخلد (95)؟. ثم اتجه إلى مدام مينتنون ليعيد إليها شيئاً من الطمأنينة وقال: "لقد ظننت أن الموت أصعب من ذلك. أؤكد لك أنه ليس عملية فظيعة، أنه لا يبدو لي شاقاً مطلقاً (96) ". وطلب إليها أن تتركه، وكأنما كان يدرك أنها ستصبح بعد موته نفساً ضائعة وسط الوعي الطبقي السائد بين أفراد حاشيته. فآوت إلى جناحها، ووزعت أثاثها بين مرافقيها وخدمها، ورحلت إلى سان سير التي لم تبرحه حتى وفاتها 1719.

وكان الملك يتحدث في ثقة بالغة، ثم قضى ليلة طويلة في كرب شديد يعاني سكرات الموت وهو في النزاع الأخير، حتى وافاه الأجل في أول سبتمبر 1715، ومن سنوات عمره السبع والسبعين، قضى اثنين وسبعين عاماً على العرش، وهذا أطول حكم في تاريخ أوربا. أما رجال الحاشية القلقون على وظائفهم، فإنهم حتى قبل أن تحين اللحظة الأخيرة هجروه ليقدموا ولاءهم وإجلالهم إلى فيليب أورليان ودوق مين. واجتمع بعض اليسوعيين حول جثمانه ليقيموا بالطقوس المعهودة لمن مات من أبناء طائفتهم (97). وتلقى أهالي باريس نبأ موت الملك على أنه خلاص مبارك من حكم طال أكثر مما ينبغي، ورأى عظمته يلطخها البؤس والهزيمة. ولم يوفروا إلا القليل من مظاهر الأبهة والعظمة للجنازة التي سارت بجثمان أشهر ملك في تاريخ فرنسا إلى سان دنيس في 9 سبتمبر. قال فولتير "على طول الطريق رأيت خياماً صغيرة منصوبة يشرب فيها الناس ويغنون ويسمرون (98) " وكان دوكلاس آنذاك في الحادية عشرة، ولكنه تذكر فيما بعد "أن كثيراً من الناس بلغ من حقارتهم أنهم كانوا يصبون اللعنات والشتائم عند مرور النعش بهم (99) ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015