وكان يختم يومه مع زوجته المخلصة المنهوكة مينتنون، وهي آنذاك في التاسعة والسبعين. وفي 2 أغسطس كتب وصية عين بمقتضاها دوق مين وصياً على لويس الخامس عشر، وعين الدوق رئيساً لمجلس وصاية يتولى حكم فرنسا حتى يبلغ الصبي رشده. وفي 12 أغسطس انتشرت القروح في ساقه وتسممت (أصيبت بالغنغرينا) وأصبحت كريهة الرائحة، وانتابته الحمى ولزم الفراش وفي 25 أغسطس كتب ملحقاً للوصية عين فيه فيليب أورليان رئيساً لمجلس الوصاية. على أن يكون له الصوت المرجح عند انقسام الآراء. وقال لاثنين من القضاة تسلما الوثيقة: "لقد كتبت وصية، أنهم- (ربما كان يقصد مينتون ودوق ودوقة مين وأنصارهم) ألحوا عليّ في كتاباتهم، وكان لزاماً أن اشتري راحتي. ولكن لن يكون لها أية قيمة بمجرد أن ألفظ أنفاسي الأخيرة. أنني أعلم جيداً ماذا كان من أمر وصية والدي (91) ". وقدر لهذه الوصية المضطربة أن تكتب فصلاً في التاريخ الفرنسي.
ومات لويس "ملكاً" تكلله كل مظاهر الملكية. وبعد تناول الأسرار المقدسة وجه إلى رجال الدين الذين أحاطوا بسريره، اعترافاً إضافياً لم يقابلوه بالترحيب:
يؤسفني أن أترك شئون الكنيسة في وضعها الراهن. أني أجهل الموضوع جهلاً تاماً كما تعلمون. وأني لأدعوكم لتكونوا شهداء على أني لم أفعل إلا ما أردتم أنتم، وأني فعلت كل ما أردتم، وستقفون أنتم بين يدي الله لتجيبوا عن كل ما تم عمله. أني أحملكم مسئولية هذا أمام الله. أن لي ضميراً نقياً. وما أنا إلا جهول أسلمت نفسي لتوجيهكم (92). ثم وجه الحديث إلى رجال حاشيته:
أيها السادة، أسألكم الصفح عن المثل السيئ الذي ضربته لكم. وينبغي أن أقدم لكم أجزل الشكر على الطريقة التي خدمتموني بها، على الإخلاص الذي ظهرتموه دائماً. وأرجوكم أن تقدموا نفس الغيرة والإخلاص اللذين منحتموني إياها لحفيدي، أنه صبي قد يكون أمامه أن يعاني كثيراً. وكل أملي أن تعملوا جميعاً من أجل الاتحاد. فإذا قصر أحد في هذا فعليكم أن تحاولوا رده إلى جادة الصواب والواجب. أني الحظ أني أترك لمشاعري العنان فتستبد بي، أني أسبب لكم شيئاً من الضيق، فاغفروا لي هذا كله. وداعا