قصه الحضاره (صفحة 11313)

نفسه بأعداد الأوراق التي تترك عادة للمساعدين، فأغضب هالي ونيوتن بتعطيله حساب نتائجه وإذاعتها، وأخيراً نشرها هالي دون إذن من فلامستيد، فثار الفلكي العليل ثورة عارمة هزت النجوم في أفلاكها.

ومع ذلك فإن أدموند هالي كان أعظم أفراد الفريق تهذيباً. كان تلميذاً متحمساً لدراسة السماء، فنشر في العشرين بحثاً عن أفلاك الكواكب، وفي تلك السنة (1676) خرج في رحلة ليتبين كيف تبدو السماء من نصف الكرة الجنوبي. ومن جزيرة القديسة هيلانة رسم خرائط تبين مسلك 341 نجماً. وعشية عيد ميلاده الحادي والعشرين قام بأول رصد كامل لعبور عطارد. فلما عاد إلى إنجلترا انتخب زميلاً بالكلية الملكية وهو لم يجاوز الثانية والعشرين. وقد تبين عبقرية نيوتن، ومول الطبعة الأولى من كتابه "المبادئ" الغالي النفقة، وقد له بتقريظ في شعر لاتيني رائع آخره بيت يقول "غير مسموح بأي بشر فان بأن يقترب من الآلهة" (24). وحقق هالي النص اليوناني لكتاب أبللونيوس البرجاوي "المخاريط"، وتعلم العربية ليترجم الأحداث اليونانية المخطوطة في العربية دون سواها.

وقد سجل اسمه في قبة السماء بنبوءة من أنجح النبوءات في التاريخ. وكان بوريللي قد مهد لها الطريق باكتشافه الشكل القطعي المكافئ لمسالك المذنبات (1665). فلما ظهر مذنب في 1682 وجد هالي في مسلكه نظائر مع مذنبات سجلت في 1456، و1531، و1607، وقد لاحظ أن هذا الظهور حدث في فترات من نحو خمسة وسبعين عاماً، وتنبأ بظهور آخر في 1758. ولم يفسح له في الأجل ليرى تحقيق نبوءته، ولكن حين عاد المذنب إلى الظهور أطلق عليه اسمه، وأضاف إلى مكانة العلم المتزايدة. وكان الرأي في المذنبات حتى أخريات القرن السابع عشر أنها من فعل الله مباشرة، وإنذار للنوع الإنساني بالويل والثبور وعظائم الأمور، ولكن مقالات بيل وفونتنيل، ونبوءة هالي، قضت على هذه الخرافة. وطابق هالي بين مذنب آخر شوهد في 1680 ومذنب شوهد في السنة التي مات فيها المسيح، وتتبع تكرار ظهوره كل 575 سنة، ومن هذا الانتظام الدوري حسب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015