قصه الحضاره (صفحة 11192)

وبدأ السلطان والصدر الأعظم زحفهما الطويل على فيينا. وكان الجيش كلما تقدم يضم إليه الإمداد من كل ولاية تركية في طريقه، فانضمت إليه فرق من الأفلاق، وملدافيا، وترانسلقانيا، حتى إذا بلغ أوسييك (اسزيك) على الدرافا كان يعد 250. 000 مقاتل، ويحوي بين صفوفه الإبل والفيلة والمؤذنين والأغوات والحريم (20). هناك أذاع توكولي إعلاناً دعا فيه المسيحيين المحيطين بالمنطقة إلى عدم الهجوم على النمسا، وأمنهم على حياتهم وأملاكهم، ووعدهم بحرية العبادة في حمى السلطان. ففتح الكثير من المدن أبوابه للغزاة.

وعاد ليوبولد يستغيث بالإمارات الألمانية ولكنها تباطأت. ووضع جنوده البالغ عددهم 40. 000 تحت إمرة شارل الخامس دوق اللورين، الذي وصفه فولتير بأنه أنبل أمير في العالم المسيحي (21). وترك شارل حامية من 13. 000 رجل في فيينا، ثم تقهقر إلى تولن، حيث انتظر وصول البولنديين. وفر ليوبولد إلى باساو، ولامه شعبه لأنه لم يعد عاصمة ملكه للحصار المرتقب منذ زمن طويل. فلقد كانت حصونها مهدمة، وحاميتها لا تبلغ عشر العدد الزاحف. وفي 14 يوليو ظهر الأتراك أمام المدينة. وبعث ليوبولد إلى سوبيسكي يرجوه أن يأتي فوراً قبل أن تصل مشاته البطيئة الحركة قائلاً "إن اسمك وحده، الذي يرهبه العدو كثيراً، كفيل بالنصر (22) ". وأقبل سوبيسكي بثلاثة آلاف فارس. وفي 5 سبتمبر وصلت مشاته وعدتهم 23. 000 مقاتل. وبعد يومين وصل 18. 000 مقاتل من الولايات الألمانية، فأصبح عدد جيش المسيحيين الآن 60. 000. ولكن فيينا كانت آنذاك تتضور جوعاً، وقلاعها تتهاوى تحت نيران المدفعية التركية، فما هو إلا أسبوع آخر من الحصار حتى تسقط المدينة.

وفي صباح 12 سبتمبر الباكر، هاجم المسيحيون-الذين كانوا الآن تحت قيادة سوبيسكي العليا-الأتراك المحاصرين. ولم يكن قره مصطفى يصدق أن البولنديين آتون، ولا أن القوات المسيحية ستهجم أولاً، فلقد رتب كل شيء للحصار لا للمعركة، وزين ضباطه خنادقهم، بقطع النسيج المرسوم والقرميد، أما هو فزود خيمته بالحمامات، والنافورات، والحدائق، والمحظيات. وأخذ خيرة جنده على غرة في خنادقهم، فمزقوا إرباً إرباً. وشاعت الفوضى في جيشه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015