وحدها هي الجديرة بأن تسمى مسيحية، إنها دون غيرها السامية الحكيمة (15) ". ولكن ليوبولد شجع الترك على مهاجمة بولندة، ولويس حرضهم على مهاجمة ليوبولد (16).
ومات أحمد كوبريلي في 1676 وقد أنهك قواه وهو بعد في الحادية والأربعين الكثير من الهزائم الرائعة، بعد أن خسر "معارك فاصلة" ومد الأملاك التركية إلى أوسع مداها الأوربي. وخلع السلطان محمد الرابع منصب الوزارة على صهره قره مصطفى، الذي أبهج لويس الرابع عشر بوعده بتجديد الحرب على النمسا (17). وشج قره نشوب ثورة (1678) قام بها الوطنيون المجريون بزعامة امري توكولي، الذي ساءه قمع النمسا العنيف للروح القومية وللبروتستنتية في المجر النمساوية، حتى حمله هذا على عرض الاعتراف بالسيادة التركية على جميع أرجاء المجر إذا دعم الأتراك ثورته. أما ليوبولد فقد أقلع بعد فوات الوقت، عن سياسة القمع وأعلن التسامح الديني في المجر. وأرسل لويس الرابع عشر المدد المالي إلى توكولي (18)، ووعد سوبيسكي بالاستيلاء على سيليسيا والمجر إذا ربط بيو بولندة وفرنسا في حلف ضد الإمبراطور. أما ليوبولد فلم يكن في وسعه أن يعد سوبيسكي بأكثر من أرشيدوقة عروساً لابنه، وبتعهد بتأييد جهود سوبيسكي لجعل العرش البولندي في فرعه من الأسرة المالكة. ولسنا نعرف على التحقيق دوافع الملك إلى المبادرة بمساعد النمسا على العثمانيين، وكل ما نستطيعه أن نقول إنها كانت من أعجب وأخطر الأحداث في التاريخ الحديث.
وأحس قره مصطفى أن الخصومات بين الهابسبورج والبوربون، وبين الكاثوليكية والبروتستنتية، تتيح له فرصة الاستيلاء على فيينا، وربما على أوربا بأسرها. وكان الترك يفاخرون بأنهم حولوا القسطنطينية عاصمة الدولة الرومانية الشرقية قلعة إسلامية في القرن الخامس عشر، وحولوا كنيسة القديسة صوفيا جامعاً، فكذلك أعلنوا الآن أنهم لن يقفوا حتى يفتحوا روما ويربطوا خيلهم في صحن كنيسة القديس بطرس (19). وفي 1682 حشد قره مصطفى في أدرنة قواته ومؤنه التي أتته من الجزيرة العربية والشام والقوقاز وآسيا الصغرى وتركية أوربا، وتظاهر أنه يخطط للهجوم على بولندة. وفي 31 مارس 1683