"لقد أخرجت الصين القديمة أكمل صورة من صور الإنسانية. وكانت فيها صور مألوفة عادية ... وأنشأت أعلى ثقافة عامة عرفت في العالم كله ... وإن عظمة الصين لتتملكني وتؤثر قيّ كل يوم أكثر من الذي قبله ... وإن عظماء تلك البلاد لأرقى ثقافة من عظماء بلادنا ... وإن أولئك السادة (?) لهم طراز سام من البشر ... وسموهم هذا هو الذي يأخذ بلبي ... إن تحية الصيني المثقف لتبلغ حد الكمال!. وليس ثمة من يجادل في تفوق الصين في كل شأن من شئون الحياة ... ولعل الرجل الصيني أعمق رجال العالم على بكرة أبيهم".
والصينيون لا يهتمون كثيراً بإنكار هذه الأقوال، وقد ظلوا حتى هذا القرن) ماعدا نفراً قليلاً في الوقت الحاضر (مجمعين على أن أهل أوربا وأمريكا برابرة همج. وكان من عادة الصينيين قبل سنة 1860 أن يترجموا لفظ " أجنبي " في وثائقهم الرسمية باللفظ المقابل لهمجي أو بربري، وكان لا بد للبرابرة أن يشترطوا على الصينيين في معاهدة رسمية إصلاح هذه الترجمة (?). والصينيون كمعظم شعوب الارض "يرون أنهم أعظم الامم مدنية وأرقهم طباعاً". ولعلهم محقون في زعمهم هذا رغم ما في بلادهم من فساد وفوضى من الناحية السياسية، ورغم تأخرهم في العلوم، وكدحهم في المصانع، ومدنهم الكريهة الرائحة، وحقولهم الملأى بالاقذار، وفيضان أنهارهم، وما ينتاب بلادهم من القحط، ورغم جمودهم وقسوتهم وفقرهم وخرافاتهم، وقلة عنايتهم بتربية ابنائهم، وحروبهم