وأحرز الفرنسيون والإنجليز معاً النصر في "معركة الكثبان" (13 يونيو 1658). وبعد عشرة أيام سلم الأسبان دنكرك، فدخلها لويس في احتفال رسمي مهيب، ثم نزل عنها لإنجلترا طبقاً للمعاهدة. وأبرمت أسبانيا مع فرنسا صلح البرانس (7 نوفمبر 1659) بعد أن استنزف القتال مالها ورجالها، فأنهت بذلك ثلاثة وعشرين عاماً من حرب واحدة، وأرست أساس حرب أخرى. ونزلت أسبانيا عن روسيون، وأرتوا، وجرافلين، وتيونفيل، لفرنسا، وتخلت عن جميع مطالبها في الألزاس، وزوج فيليب الرابع ابنته ماريا تريزا للويس الرابع عش، بشروط ورطت فيما بعد غرب أوربا كله في حرب الوراثة الأسبانية. ذلك أنه تعهد بأن يبعث إليها، خلال ثمانية عشر شهراً، بصداق قدره 500. 000 كراون، ولكنه انتزع منها ومن لويس تنازلاً عن حقوقها في ولاية العرش الأسباني. وأصر ملك أسبانيا على أن يكون العفو عن كونديه شرطاً من شروط الصلح، فلم يكتف لويس بالصفح عن الأمير العنيف، بل رد إليه كل ألقابه وأملاكه، ورحب به في بلاطه.
كان صلح البرانس الدليل على إنجاز برنامج ريشليو-وخلاصه كسر شوكة الهابسبورج، وحلول فرنسا محل أسبانيا أمة متسلطة في أوربا. واعترف الفرنسيون بفضل مازاران في الوصول بهذه السياسة إلى ختامها الظافر، ومع أنه لم يظفر إلا بحب القليلين منهم، فإنهم رأوا فيه رجلاً من أكفأ الوزراء في تاريخ فرنسا. ولكن فرنسا التي سرعان ما نسيت خيانة كونديه، لم تغتفر قط لمازاران جشعه وحرصه. ففي وسط الفاقة التي كابدها الشعب جمع ثروة طائلة قدرها فولتير بمائتي مليون من الفرنكات (12). وكان يحول المخصصات الحربية إلى خزائنه الشخصية، ويبيع وظائف التاج لمنفعته الخاصة، ويقرض الملك بالربا، وقد أهدى إحدى بنات أخيه قلادة مازالت تعد من أغلى الحلي في العالم (13).
ولما حضرته الوفاة أشار على لويس بأن يكون وزير نفسه الأول، وألا يترك مسائل السياسة العليا لأي من مساعديه إطلاقاً (14) وبعد موته (9 مارس