وكانت ل تزال على قيد الحياة حين حصل وليم من خمسة من القساوسة البروتستانت على إذن بالزواج من شرلوت البروبونية، من الأسرة المالكة الفرنسية (1575)، وكانت قد هربت من دير الراهبات واعتنقت مذهب الإصلاح، وتوفيت شارلوت 1583. ولبس وليم الحداد عليها لمدة عام، تزوج بعده للمرة الرابعة من لويز دي كوليني لبنة أمير البحر الذي كان قد قضى نحبه في مذبحة سانت برثلميو. وعلى الرغم من هذه الزيجات- وربما كان بسببها- كان وليم غنياً بما لديه من أراضي، خاوي الوفاض من المال. وفي عام 1560 بلغت ديونه مليون فلورين (7). وغلبت عليه ذات يوم نزعة إلى الاقتصاد فطرد ثمانية وعشرين من طباخيه (8).
وتخبط فيليب بشكل هدام في التعامل مع النبلاء في الأراضي الواطئة. وأن أباه الذي نشأ وترعرع في بروكسل، عرف هؤلاء الرجال وتكلم لغتهم وساسهم في حزم. على حين أن فيليب تربى في أسبانيا فلم يتكلم الفرنسية ولا الهولندية، وعز عليه أن ينحني لهؤلاء الأقطاب في لباقة وسماحة، ويحترم عاداتهم وديونهم، بل أنه عبس واستاء من إسرافهم وتبذيرهم وإدمانهم على الشراب، وتبذلهم مع النساء، وتهافتهم عليهن، وفق هذا كله لم يتفهم فيليب دعاواهم في الحد من سلطانه. على أنهم بدورهم كرهوا منه كبريائه الكئيب وولعه بمحاكم التفتيش وتعيينه الأسبان المناصب التي تدر ربحاً في الأراضي الوطيئة، وتزويد مدنهم بحاميات أسبانية. وعندا طالب بدفع الأموال هؤلاء النبلاء ورجال الأعمال، وهم الذين يشكلون الجمعية التشريعية، استمعوا- عن طريق المترجمين- في فتور إلى دعواه ودفاعه بأن والده وبأن الحروب الأخيرة قد خلفت في الخزينة عجزاً كبيراً، وتولاهم الجزع لمطالبته بمليون وثلاثمائة ألف فلورين، وبضريبة أخرى قدرها 1% على العقارات، و2% على الأموال المنقولة، ورفضوا التصديق على هذه الضرائب، ولكنهم أقروا فقط مبالغ قدروا أنها تكفي لتغطية النفقات الجارية. وبعد ثلاث