قصه الحضاره (صفحة 10096)

جوارها مقبرة زوجة رينيه، فالنتين بالبياني، وفي أعلاها ترى السيدة في شرخ شبابها وقد خلعت عليها الجلال أرواب تعلوها الوجوه، وفي أسفلها هذا الجمال ذاته منحوتا بغير رحمة في هيئة جثة لها وجه وأيد عجاف وصدر متغضن وثديان فارغان غائران، إنها صيحة غضب قوية على الدهر وانتهاكه الساخر للجمال. وهذه المقابر وحدها كانت تكفي لرفع بيلون إلى مقام أعلى من مقام أي نحات في عصره، ولكنه أضاف إليها العدد الوفير من التماثيل، وكلها ذات محاسن أخاذة، وأكثرها جمع في اللوفر، خزانة فرنسا التي لا ينضب لها معين. وهناك ايضاً، وعلى بضع خطوات، نستطيع أن نرى أعمالا لحلفاء بيلون: تمثالاً بالحجم الطبيعي لهنري الرابع من صنع بارتلمي تريمبليه، وعلى فمه ابتسامة غامضة كابتسامة مونا ليزا، ومقبرة آن دمونمورنسي التي نحتها بارتلمي بريور، وتمثالاً حيا يسمى «الشهرة» لبيربريار-هو امرأة عارية تنفخ أنفاسها من خدين منتفخين وتكتب في الهواء كأنها تضيف تحسينا إلى كلمات كيتس «هنا يرقد إنسان كتب اسمه في الريح». وفي مصلى شانتي أثر يذكر للكردينال دبيرول صنعه جاك سارازان. وقد درس بعض هؤلاء النحاتين في روما وجلبوا معهم من برنيني ميلا باروكيا للزخرف والحركة والعاطفة المسرفة، ولكن هذا الاسراف سرعان ما تلاشى تحت نظرات ؤيشليو الباردة وذوق لويس الرابع عشر الكلاسيكي. ويبدأ ظهور ذلك الكمال الناعم الذي طبع «القرن العظيم» في ميداليات جان فاران، الذي وفد من لييج ليعيش في فرنسا، والذي بلغ فنه في الصور الصغيرة التي رسمها لريشليو ومازران وآن النمسوية براعة لم يبزه فيها أي رسام مداليات جاء بعده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015