للكهانة والبعثات التبشيرية. وهكذا أعد أعلام من رجال الأجيال التالية كبوسويه، وبوردالو، ومالبرانش، وأرسى أساس قوة الكنيسة وبهائها في عصر لويس الرابع عشر.
وكشفت طوائف دينية جديدة عن تقوى الشعب ونفخت فيها حياة جديدة. فدخلت الراهبات الأورسوليات فرنسا حوالي عام 1600 واضطلعن بتعليم البنات، ولم ينقض قرن على دخولهن حتى كان لهن 1. 000 بيت و 350 جمهوراً من العابدين. ورحبت ماري مديسي بدخول طائفة "أخوة الرحمة " إلى فرنسا، وهي التي أسسها (1540) القديس يوحنا الإلهي في أسبانيا، وسرعان ما أعدت ثلاثين مستشفى. وفي عام 1610 أنشأت بارونة شانتال (القديسة شانتال)، بمساعدة فرانسوا سال، "طائفة السيدة العذراء للافتقاد " لرعاية المرضى والفقراء، وما وافت سنة 1640 حتى كان لها مائة دير، وفي عام 1700 كان لفرع واحد منها أربعمائة دير للنساء. وبلغت جملة الراهبات في فرنسا عام 1600 حوالي ثمانين ألفاً (4).
وهناك رجلان يحتلان مكاناً بارزاً في هذا الإحياء الكاثوليكي الذي حدث في القرن السابع عشر. وأولهما فرانسوا سال الذي اتخذ جزءاً من اسمه من مسقط رأسه القريب من آنسى في سافوا. درس القانون في بادوا وأصبح موظفاً في مجلس شيوخ سافوا. ولكن الدين كان يجري في عروقه، فرسم قسيسا، واضطلع (1594) بمهمة شاقة، هي أن يرد إلى حظيرة الكاثوليكية إقليم شابليه الواقع جنوبي بحيرة جنيف، وكان قد اتبع مذهب كلفن منذ عام 1535. ولم تمض خمس سنوات حتى تمت المهمة، وساعد على ذلك نفي من لم يهتدوا، ولكن أكثر الفضل في إتمامها كان لما أوتي فرانسوا من تقوى وصبر وكياسة مقنعة. فلما رقي أسقفاً كرس نفسه لتعليم الأطفال والكبار وحين زار باريس أحبته نساء الطبقة العليا محبة