والصعلوك يأنس بالوحش كما تأنس به الوحش، فهذه الوعول الحمر تروح وتجيء حوله، بياض النهار, كأنها العذارى تجرر أذيالها، حتى إذا ما أقبل الأصيل ركدت حوله العصم من الوعول، وقد بدا في ذراعيها البياض، وهو بينها كالأدفى الذي طال قرنه جدا حتى ذهب قبل أذنيه، لا تنكره ولا ينكرها, كأنه واحد منها لطول ما خالطها وعاشرها. ولنستمع إلى الشنفرى وهو يصور ذلك، فيقول:
أقيموا بني أمي صدور مطيكم ... فإني إلى قوم وسواكم لأميل
فقد حمت الحاجات والليل مقمر ... وشدت لطيات مطايا وأرحل1
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى ... وفيها لمن خاف القلى متعزل
لعمرك ما في الأرض ضيق على امرئ ... سرى راغبا أو راهبا وهو يعقل
ولي دونكم أهلون سيد عملس ... وأرقط زهلول وعرفاء جيئل2
هم الأهل لا مستودع السر ذائع ... لديهم ولا الجاني بما جر يخذل
وكل أبي باسل غير أنني ... إذا عارضت أولى الطرائد أبسل
.......................... ... ..........................
إلى أن يقول:
ترود الأراوى الصحم حولي كأنها ... عذارى عليهن الملاء المذيل
ويركضن بالآصال حولي كأنني ... من العصم أدفى ينتحي الكيح أعقل3