وقال الحارث بن كلدة الثقفي:

تركت الفارس البذاخ منهم ... تمج عروقه علقا عبيطا

دعست بناته بالرمح حتى ... سمعت لمتنه فيه أطيطا

لقد أرديت قومك يابن صخر ... وقد جشمتهم أمرا شطيطا

وكم أرسلت منكم من كمي ... جريحا قد سمعت له غطيطا1

ثم كان الرجل منهم بعد ذلك يلقى الرجل، والرجلان يلقيان الرجلين, فيقتل بعضهم بعضا. فلقي ابن محمية بن عبد الله الدبلي زهير بن ربيعة أبا خداش، فقال زهير: "إني حرام" جئت معتمرا، فقال له: ما تُلْقَى طوال الدهر إلا قلت: أنا معتمر, ثم قتله.

انقضت هذه الأيام الخمسة في أربع سنين, ثم تداعى الفريقان إلى السلم على أن يذروا الفضل في الدماء والأموال، ويتعاهدوا على الصلح.

عقدوا على ذلك المواثيق, وبقيت هذه الأحداث للذكرى والفخر، يتمجد كل شاعر قوم بما فعل قومه، ويتغنى بما كان لهم من محامد. وانظر إن شئت أن ترى آثار ذكرها في مثل قول الشاعر:

وإن قصيا أهل عز ونجدة ... وأهل فعال لا يرام قديمها

هم منعوا يومي عكاظ نساءنا ... كما منع الشولَ الهجانَ قرومُها2

أو قول عاتكة بنت عبد المطلب, تخلد نصر قومها في هذه المقطوعة الرائعة:

سائل بنا في قومنا ... وليكف من شر سماعه

قيسا وما جمعوا لنا ... في مجمع باق شناعه

فيه السنور والقنا ... والكبش ملتمع قناعه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015