وضرب ثالث من تعقيباته: يذكر فيه أبياتا من الشعر الذي أورده ابن إسحاق ويكتفي بها ولا يورد باقيها، ثم يقول: إن ذلك ما صح له منها. وقد تكرر منه ذلك في ثمانية مواضع1؛ منها: أن ابن إسحاق أورد أبياتا لعكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف، وقد اجتزأ ابن هشام بثلاثة أبيات منها، وقال2: "قال ابن هشام: هذا ما صح له منها".
وروى ابن إسحاق أبياتا كثيرة لأبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي، ومع أن ابن هشام قال: إنها تروى لابنه أمية, فقد قال أيضا3: هذا ما صح له مما روى ابن إسحاق منها, إلا آخرها بيتا قوله:
تلك المكارم لا قعبان من لبن ... شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
فإنه للنابغة في قصيدة له.
وذكر ابن سلام أن هذا البيت ترويه عامر للنابغة، والرواة مجمعون على أن أبا الصلت بن أبي ربيعة قاله. وقد أتى به مثلا على أن الشاعر قد يستزيد في شعره بيتا قاله قائل قبله، كالمتمثل حين يجيء موضعه من غير أن يقصد اجتلابه أو سرقته.
وأورد ابن إسحاق قصيدة أبي طالب، فذكر ابن هشام منها أربعة وتسعين بيتا، ثم قال4: "وهذا ما يصح لي من هذه القصيدة, وبعض أهل العلم بالشعر ينكر أكثرها".
والضرب الرابع: مثل ما يؤثر من أن ابن هشام كان يورد الشعر الذي أورده ابن إسحاق كاملا لا يخرم منه بيتا, ثم يذكر أنها منحولة. وقد تكرر