يكن باطلا، كنتم أحق الناس بالكف عنه، وبالستر عليه، وقد كان أسقف1 نجران يحدث بصفته، وكان سفيان بن مجاشع يحدث به قبله، وسمى ابنه محمدا، فكونوا في أمره أولا ولا تكونوا آخرا، ائتوا طائعين قبل أن تأتوا كارهين, إن الذي يدعو إليه محمد، لو لم يكن دينا، كان في أخلاق الناس حسنا، أطيعوني واتبعوا أمري، أسأل لكم أشياء لا تنزع منكم أبدا، وأصبحتم أعز حي في العرب، وأكثرهم عددا، وأوسعهم دارا، فإني أرى أمرا لا يجتنبه عزيز إلا ذل، ولا يلزمه ذليل إلا عز.

إن الأول لم يدع للآخر شيئا, وهذا له ما بعده، من سبق إليه غمر2 المعالي، واقتدى به التالي، والعزيمة حزم، والاختلاف عجز.

فقال مالك بن نويرة3: قد خرف شيخكم، فقال أكثم: ويل للشجي من الخلي "انظر في ضبط الكلمتين وتصريفهما التاج وأمثال أبي هلال" والهفي على أمر لم أشهده، ولم يسعني! مجمع الأمثال 2/ 217.

وأوصى أكثم بن صيفي قومه, فقال:

يا بني تميم، لا يفوتنكم وعظي إن فاتكم الدهر بنفسي، إن بين حيزومي4 وصدري لكلاما، لا أجد له إلا أسماعكم، ولا مقار إلا قلوبكم، فتلقوه بأسماع مصغية، وقلوب داعية، تحمدوا مغبته.

الهوى يقظان، والعقل راقد، والشهوات مطلقة، والحزم معقول، والنفس مهملة، والروية5 مقيدة، وإن جهل التواني وترك الروية يتلف الحزم، ولن يعدم المشاور مرشدا، والمستبد برأيه موقوف على مداحض6 الزلل،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015