ويدعك، إن الدنيا ثلاثة أيام: فأمس عظة وشاهد وعدل، فجعك بنفسه، وأبقى لك وعليك حكمه، واليوم غنيمة وصديق أتاك ولم تأته، طالت عليك غيبته، وستسرع عنك رحلته، وغد لا تدري من أهله؟ وسيأتيك إن وجدك، فما أحسن الشكر للمنعم، والتسليم للقادر، وقد مضت أصول نحن فروعها, فما بقاء الفروع بعد أصولها!

وقد أدرك أكثم بعثة الرسول، وبعث ابنه حبيشا ليأتيه بخبره، فلما رجع جمعهم وخطبهم قائلا, كما في الجزء الثاني من مجمع الأمثال1: يا بني تميم، لا تحضروني سفيها، فإنه من يسمع يخل2، إن السفيه يوهن من فوقه، ويثبط من دونه، لا خير فيمن لا عقل له، كبرت سني، ودخلتني ذلة، فإذا رأيتم مني حسنا فاقبلوه، وإن رأيتم مني غير ذلك فقوموني أستقم، إن ابني شافه هذا الرجل مشافهة، وأتاني بخبره وكتابه، يأمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر، ويأخذ فيه بمحاسن الأخلاق، ويدعو إلى توحيد الله تعالى، وخلع الأوثان، وترك الحلف بالنيران، وقد عرف ذَوُو الرأي منكم أن الفضل فيما يدعو إليه، وأن الرأي ترك ما ينهى عنه. إن أحق الناس بمعونة محمد ومساعدته على أمره أنتم، فإن يكن الذي يدعو إليه حقا فهو لكم دون الناس، وإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015