«الطائف» ... تلك القرية المسحورة التي سارت ذات يوم (كما تروي الأساطير) (?)، سارت من ربوع الشام بينابيعها وجداولها، وبساتينها ورياضها، وزهرها وثمرها، فطافت حول الكعبة ثم تسلقت الصخور حتى استقرت في أعالي جبل «غزوان»، وهجعت على سرير من السحاب حالمة بالسهول والأنهار والنعمة والخصب، لتستيقظ مع الفجر فتصنع العظماء والقادة وتقذف بهم إلى الدنيا الواسعة.
* * *
وكانت منازل الطائف كأنها أسراب من العشاق قد تغلغلت في هذه البساتين، لتفيء إلى عزلة سعيدة، تنعم فيها بذكرى اللقاء الماضي وتحلم بلقاء جديد .. وأوى الزرّاع إلى بيوتهم فناموا بين أهليهم كما نام الرعاة إثر نهار حافل بالتجوال الفاتن، في هذه الجبال التي تتفجر صخورها السود بالنبت الأخضر والزهور البرية