أيتها الحمراء ... أيتها الحبيبة الهاجرة! أنسيت بُناتك وأصحابك الذين غذوك بأرواحهم ومهجهم، وسقوك دماءهم ودموعهم، فتجاهلت عهدهم وأنكرت ودهم؟! أنسيت الملوك الصيد الذين كانوا يجولون في أبهائك، ويتكئون على أساطينك، ويفيضون عليك ما شئت من المجد والجلال والأبهة والجمال؟ أولئك الأعزة الكرام الذين إن قالوا أصغت الدنيا، وإن أمروا لبى الدهر. أألِفتِ النواقيس بعد الأذان؟ أرضيت بعد الأئمة بالرهبان؟!

ثم أخاف أن يسمعني بعض جواسيس الديوان فأسرع الكرة إلى الدار لأحفظ درس العربية الذي كان يلقيه عليّ أبي، وكأني أراه الآن يأمرني أن أكتب له الحرف الأعجمي، فيكتب لي حذاءه الحرف العربي ويقول لي: هذه حروفنا. ويعلمني النطق بها ورسمها، ثم يلقي عليّ درس الدين، ويعلمني الوضوء والصلاة لأقوم وراءه نُصلي خفية في هذه الغرفة الرهيبة.

وكان الخوف من أن أزل فأفشي السر لا يفارقه أبداً، وكان يمتحنني فيدس أمي إليّ فتسألني: ماذا يعلمك أبوك؟

فأقول: لا شيء.

فتقول: إن عندي نبأ مما يعلمك، فلا تكتمه عني.

فأقول: إنه لا يعلمني شيئاً.

حتى أتقنت العربية، وفهمت القرآن، وعرفت قواعد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015