كان فتى من أبناء التجار، بارع الفتوة، واسع الغنى، قد جُمعت له اللذائذ وسيقت إليه المنى، دكانه البحر تنصبُّ فيه جداول الذهب، وداره الجنة تجري من تحتها الأنهار، وفيها الحور العين؛ خمسون من الجواري الفاتنات اللائي حُملن إلى بغداد من أقطار الأرض وحُشِدن فيها، كما تُحمل إلى مخدع العروس كل وردة فاتنة في الروض وزهرة جميلة في الجبل.
ولكنه لم يشعر بنعيم الحياة ومتعة العيش حتى اشترى هذه الجارية بخمسمئة دينار. وكان قد رآها في سوق الرقيق فرأى جمالاً أحلى من أحلام الحب، وأجمل من بلوغ الأماني، وأطهر من زنبقة الجبل، فهام بها هياماً، وزاد فيها حتى بلغ بها هذا الثمن. وانصرف بها إلى داره وهو يحسب أنه قد حيزت له الدنيا وأمتع بالخلود، واشتغل بها وانقطع إليها، ولم يعد يخرج إلى الدكان إلا ساعة كل يوم ثم لا يستطيع أن يصبر عنها، ويزلزله الشوق إليها، وتدركه هواجس الحب فيغار عليها، لا من الناس فما يصل الناس إليها، بل من الشمس أن تلمحها عين الشمس، ومن النسيم أن