قصص من التاريخ (صفحة 269)

لينثروها عليه ... فما كان الأصيل حتى تم كل شيء، وأقبل الباشا في الموكب الفخم والجند والسلاح والدبدبة، حتى انتهى إلى باب المسجد. وكان باباً صغيراً فاعترض الباشا، كأنه يقول له: ارجع أو أرجِعْ دنياك. إنك تدخل بيت الله بشراً خاضعاً، أما أن تكون تزوير إله ... بألف عبد وألف ثوب، فلا! إنه لا يجتمع ميراث النبوة التي جاءت بالتوحيد والمساواة ببقايا الجاهلية التي قامت على الشرك والتمييز بين الناس، إلا محي أحدهما. فانظر: هل محا باطلٌ حقاً؟

قال الراوي: وتردد الباشا هنيهة يفكر، ثم أبعد أعوانه وترجّل، ودخل المسجد منفرداً. وكان الشيخ جالساً على حصير قد وضعت فوقه حشية، وكان ماداً رجله، فسمعته يقول:

والمرء إذا خاف الله وصدق في مخافته خافه كل شيء، لأنه لا يرى كبيراً إلا صغره عنده أن الله أكبر. الله أكبر؛ إن لهذه الكلمة سراً إلهياً، ولكن المسلمين استعجموا فلا يرددون منها إلا حروفاً فارغة من المعنى، وما فرض الله على المسلم أن يقولها كل يوم خمساً وثمانين مرة أقل ما يقولها (?) ويسمعها من المنارة ثلاثين مرة (?) إلا ليعلم أنه لا كبير في الدنيا، وأن من كان مع الله لم يبال شيئاً: لا الملك ولا المرض ولا الوحش، فلو أن المسلم عرف معنى هذه الكلمة وهو يقولها ما عرف الذل والجبن ولا الكسل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015