هبطت ليلة الثلاثاء 15 رجب 484هـ على قصر الملك الشاعر وهو لا يزال على العهد به منذ عشرين عاماً، سابحاً في النور، رافلاً في حلل النعيم، ولا يزال أهله سادرين في أفراحهم، واثقين بدهرهم، مطمئنين إلى سعدهم، ولم يُخِفْهم ما رأوا البارحة من طلائع الفاجعة ونُذُرها إذ أطبقت سحبها سوداً متراكبات ترتجس بالرعد، وتنبجس بالبرد (?)، وتعزف رياحها الهوج العاتيات ... لأنهم كانوا على يقين من زوالها، وكانوا يرجون - من بَعدها - صباحاً طلقاً، ضاحك الطلعة، ساجع (?) الطير، مزهر الروض.
كذلك عوّدتهم الأيام حين غمرتهم بنعمها، وأفاضت عليهم متعها، ولم تمسك عنهم خيراً يطمع فيه عاشق ولا شاعر ولا ماجد شريف. وكان للملك من نفسه الكبيرة جيش إذا افتقد الجيش، وكان