ثم يمسكون بقلوبهم مخافة أن يهزها هذا الدرس الصامت فتنفجر من الحماسة؟!
لماذا تأبى علي أن أموت ميتة أخي البطل مصعب، وأنت الذي مجّدَ مصرعه واتخذه مثلاً للبطولة والتضحية والشرف؟ ألا يسرك أن أشتري بدمي حياة هذه الأمة فتعود السعادة إلى هذه البقية الطاهرة، ويخيم عليها الأمن، وتستعد لتحمل رسالة الله إلى الدنيا ... مرة ثانية؟
إنك لن تستطيع أن تردّ ما فات. أرجِعْ إلى الزهرة الجافة رواءها وعطرها، ردّ على الشيخ الهرم شبابه وقوته، أعِدْ للنهار الآفل ضُحاه! لقد انتهى كل شيء؛ فلن تكون خاتمة حياتي أن أفر تحت ثوب امرأة.
وأخذ الثوب يقلبه بيده وعلى وجهه ابتسامة ساخرة، فيها آيات القنوط المرعب والاستماتة الهائلة والإقدام المخيف.
- لا؛ لا يا ابن صفوان. إن عبد الله بن الزبير أكرم من أن يتشح بثوب امرأة. لا؛ لن أفر، «بئس الشيخ أنا - إذن - في الإسلام إن أوقعت قوماً ثم فررت عن مثل مصارعهم» (?).
- سيدي!
- ابن صفوان!
ثم التفت الأذرع في عناق جمعت فيه الصداقة والمحبة