أن يثأر لمحمد، فإذا محمد صلى الله عليه وسلم حيّ يبلغ دعوة ربه.
فكان أبوك أول من سل سيفه في سبيل الله، فسطع من سيفه الوميض الأول لهذا الصباح الذي غمر الكون بالضياء الذي أشرق من سيوف المسلمين في بدر وهوازن والقادسية واليرموك ونهاوند. أفلا يهز حماستك حديث أبيك؟
فلم يجب عبد الله وآثر أن يظل ساكتاً. فرجعت تقول: يا أسفي! لم يعد يثيرك حديث أبيك فلن أحدثك عن أمجاده. فهل تثير حماستك شجاعة جدتك صفية بنت عبد المطلب؟ إنك تعرف حديثها وتروي خبرها مع حسان ابن ثابت في الحصن ... فهل أطفأت لذائذ الحياة لهيب الحماسة في صدرك، فأنت في حاجة إلى قبس تقتبسه من امرأة؟
فبرقت عينا الشيخ واشتعلت النيران في عروقه، ولكنه أزمع السكوت لتمضي العجوز في حديثها، فآلمها أنه ساكت لا يجيب وحسبت سكوته جبناً وهلعاً، فراحت تبالغ في تحميسه. قالت: أخبرني ... أنسيت ذلك الدم الزكي الذي أُهريق على عتبات المجد؟ سرعان ما نسيت صورة مصعب، ابن أبيك، ذلك الذي عاف الشباب والمال والرفاهية وجفا عقيلتَي قريش، عائشة بنت طلحة وسُكينة بنت الحسين، وذهب ليموت شريفاً مجيداً تحت راية الخليفة عبد الله بن الزبير؟ إذا كنت تعلم أنك تدعو إلى باطل فلِمَ فرطت بهذه الأرواح ... هذه الألوف من الأرواح التي زهقت في سبيلك؟ أكان جنى هذه المعارك النبيلة أن يحمل الخليفة الذي مات هؤلاء كلهم تحت رايته ليزدان به موكب الحَجّاج؟ ما كان جدك أبو بكر ولا كان أبوك الزبير جباناً ولا رعديداً، أفتنتمي إلى