ويعيد إلى الدولة سلامتها ووحدتها، ويُشعره جلال هذه الغاية وسموّها استصغار ما أتى، ويذهب يلتمس لنفسه المعاذير.
أليست وحدة المسلمين وسلامة دولتهم دعامة حياتهم ورأس دينهم الذي قام على توحيد الخالق ووحدة المؤمنين؟ أليس ضمان هذه الوحدة من واجبات الخليفة؟
وما ذنبه هو إذا أمره عبد الملك بضرب الكعبة لتحقيق الوحدة، وما هو إلا جندي في طاعة عبد الملك؟ بل ما ذنب عبد الملك وهو أمير المؤمنين المسؤول عن مصالح المسلمين وسلامة دولتهم؟ أيَدَعُ المملكة شطرين يعبث فيها المفسدون ويهلكها الخُلف؟ وأي جسم يعيش إذا انقسم جسمين وغدا قطعتين؟
أوَليس على عبد الملك أن ينقذ المسلمين من هذا الخلاف ولو دفع ثمنه حياة ابن الزبير وسلامة حصونه وقلاعه؟ فما ذنب عبد الملك إذا اتخذ ابن الزبير بيت الله حصناً له واحتمى به واستغلّ حرمته؟ أمن حق البيت الحرام على عبد الملك أن يدعه آمناً في ظله، يدّعي ملكاً وينشر راية ويتخذ جيشاً، فيلتقي في مشعر الحج مَلِكان مسلمان ورايتان وجيشان؟ ويأبى الله والإسلام إلا راية واحدة، لجيش واحد، يسيرّه خليفة واحد. أوَلم يكن أخلق بابن الزبير لو جنّب بيت الله أوحال الدنيا وأوضار المطامع، وخرج بجيشه إلى الحِل؟
وانطلق القائد الشاب يفكر في ابن الزبير وعبد الملك، ويعود به الفكر إلى رحلته الأولى يوم صافح سمعه للمرة الأولى اسم ابن الزبير، فإذا هو اسم ضخم مجلجل، وإذا هو ينطوي على السيادة