وكان لها من جهة انفرادها وتعارضها بغيرها أصناف، منها المتفق عليه، والغريب، والشاذ، والمنكر، والعاضد لغيره، والمخصص، والمقيد، والناسخ. والصحيح درجات تختلف باختلاف المصححين واختلاف شرائطهم في التصحيح.
وليس يمكن أن يكون مؤرخاً إسلامياً أو أستاذاً للتاريخ الإسلامي إلا من كان عالماً بالرجال أو كان ممن يحقق عن أحوالهم، عارفاً بالحديث ومظان وجوده و «مصطلح» أهله، عارفاً بالعربية ليفهم ظواهر الكلام وبواطنه وإشاراته ومعاريضه، وكان متجرداً عن العصبية والهوى، مريداً ببحثه الحق ورضاء الله.
فإن لم يكن كذلك لم يكن إلا جاهلاً بالتاريخ أو دجالاً، ولو كان أستاذ الجامعة ولو كان صاحب الشهادات الكبار، لأن الدولة تستطيع أن تجعل الرجل أستاذاً بمرسوم، وتقدر أن تجعله دكتوراً بشهادة (قد تكون شهادة زور)، ولكن الدولة لا تستطيع أن تجعل الجاهل عالماً، ولا العصبي نزيهاً، ولا الكاذب صادقاً.
وبعد، فهذه كلمة انجر القلم إليها، أردت فيها أن أستحث الأدباء وأثير هممهم، علهم يقبلون على هذا المنجم البكر فيستخرجوا كنوزه، ويَعرضوا على الناس جواهره.
والله الموفق للصواب.