قصص من التاريخ (صفحة 104)

الوطن؟ إن وطن المسلم دينه؛ فحيثما صاح المؤذن: «الله أكبر» فثمة وطنه. وإن جهاده للحق، فإن جاء الحق زهق معه كل باطل، ولو كان فيه نفع الأمة وكان فيه الغُنم الأكبر.

ونظروا فإذا رجل له هيئة الأعراب، هزيل، ضئيل الجسم، شاحب اللون، قد لاث على رأسه عمامة له ووراءه غلام. فجاء حتى قعد على الأرض محتبياً، وقام غلامه على رأسه.

أهذا هو الرجل الذي أتى ليحكم على خليفة قتيبة العظيم، وعلى أميره، وعلى مصلحة دولته؟ أهذا هو قاضي المسلمين؟

وانطفأت آخر شعاعة من الأمل في نفوس الكهنة. ونادى الغلام باسم الأمير، وهكذا بلا إمارة ولا لقب، فجاء حتى جلس بين يديه، ونادى باسم كبير الكهنة فأجلسه إلى جانبه.

وابتدأت المحاكمة ...

* * *

وتكلم القاضي فإذا صوته يخرج خافتاً ضعيفاً، فقال للكاهن: ما تقول؟

قال: إن القائد المبجل قتيبة بن مسلم قد دخل بلدنا غدراً من غير منابذة ولا دعوة إلى الإسلام.

قال القاضي للأمير: ما تقول؟

قال: أصلح الله القاضي. إن الحرب خدعة، وهذا بلد عظيم قد أنقذه الله بنا من الكفر وأورثه المسلمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015