مليونان من البشر في تلك الأيام، والتي كانت عاصمة الدنيا، كل حسن فيها يحمل إليها. وأُلقيت كتبها في دجلة حتى اسود منه ماؤها عند الضفتين، وما ذاب في الحبر الذي كتبت به، ولكن ثمرات العقول ونتاج الأدمغة، وخلاصة الفكر البشري.

وما حاق بالمسلمين من قبل ومن بعد من نكبات وأرزاء، فما ضرّها ذلك كله، لأنها كانت تعرف كيف تدُّ يدها إلى السلاح (والسلاح قريب منها)، فتوجهه إلى أعدائها، وتعرف كيف تشعل المصباح (والمصباح عندها)، فتبدِّدُ به الظلام من حولها. وما المصباح إلا هذا القرآن، وما السلاح إلا القلوب المؤمنة، والعقول المفكرة واليَدُ العاملة التي تعرف كيف تعدُّ القوة لحرب عدوِّها، مبتغية بذلك رضا ربها، لا نيل المكاسب من دنياها وآخر ما ابتليت به الاستعمار:

لقد فتحت عيني على الدنيا في أوائل هذا القرن الميلادي وما في ديار الإسلام بقعة لم يدخلها أو يَحُمْ حولها الاستعمار، إلا هذه الجزيرة التي عصمها الله أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015