قشر الفسر (صفحة 306)

قال أبو الفتح: جعل للجوزاء أُذناً استعارة، أي لو كانت لها أُذن لسمعت بها. قال الشيخ: ليس كذلك، ولو كان كذلك لما خصَّ الجوزاء دون سائر البروج، فإن الاستعارة جائزة في الجميع، وقد مر شرحه في شرح قوله:

تساوت به الأقتارُ حتَّى كأنَّه ... يُجمِّعُ أشتاتَ الجبالِ وينظُمُ

(تجاوزتَ مقدارَ الشَّجاعةِ والنُّهى ... إلى قولِ قومٍ أنتَ بالغيبِ عالمُ)

قال أبو الفتح: في أخر هذا البيت بعض المنافرة لأوله، لأن الشجاعة لا تُذكر مع علم الغيب، ولولا أنه ذكر النُّهى، وهو العقل لكان الأمر أشدَّ تبايناً لأن العاقل عالم بأعقاب

الأمور، ولو كان موضع الشجاعة الفطانة لكان أليق بعلم الغيب، إلا أنه كان في ذكر الحرب، فكانت الشجاعة من ألفاظ وصفها، ويجوز أن يكون ذكر الشجاعة مع علم الغيب، لأنه كأنَّه عرف ما يصير إليه، فتشجع، ولم يحذر الموت.

قال الشيخ: ما فيه من المنافرة شيء وقد ذكر الشجاعة في موضعها وعلم الغيب في موضعه، وما فيه مكان تعيير ولا تغيير، على أن الشارح تلافاه في أخر كلامه، وما استوفاه، فإنه يقول: تجاوزت مقدار الشجاعة والعقل في وقوفك حيثما وقفت في ذلك المأزق إلى قول قومٍ ينسبونك إلى علم الغيب، فإن من لم يكن عاقلاً عالماً بالغيب موقناً بأنه لا يُصاب ولا يُؤسر ولا يُجرح ولا يُقسر ولا يُهزم ولا يُكسر لم تُطاوعه نفسه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015