لَكِنَّ ذَاكَ أَصَحُّ فَاعْلَمْ يَا فَتَى ... عِنْدَ الْجَمِيعِ سِوَى شُذُوذٍ مُفْرَدِ

وَهُمَا الْكِتَابَانِ اللَّذَانِ تُلُقِّيَا ... بِقَبُولِ أَتْبَاعِ النَّبِيِّ الأَمْجَدِ

وَهُمَا أَصَحُّ الْكُتْبِ بَعْدَ كِتَابِنَا ... قَدْ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ لِلْمُهْتَدِي

فَعَلَيْكَ يَا ذَا اللُّبِّ أَنْ تَقْرَأَهُمَا ... لِتَنَالَ مِنْ هَدْيِ الرَّسُولِ الأَوْحَدِ

فَسَقَى الإِلَهُ بِفَضْلِهِ قَبْرَيْهِمَا ... صَوْبَ الرِّضَا وَحَبَاهُمَا بِالسُّودَدِ

وَكَذَا حَبَا أَهْلَ الْحَدِيثِ وَمَنْ بِهِمْ ... فِي سَائِرِ الآفَاقِ حَقًّا يَقْتَدِي

[تنبيه]: قال الشيخ أبو عمرو رحمه الله تعالى: قرأت على الشيخة الصالحة، أم المؤيد، ابنة عبد الرحمن بن الحسن النيسابورية بها، عن الإمام أبي عبد الله محمد بن الفضل الصاعدي وغيره، عن الإمام أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ وغيره، قالوا: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله، محمد بن عبد الله الحافظ، قال: سمعت عمر بن أحمد الزاهد، قال: سمعت الثقة من أصحابنا يقول: رأيت فيما يرى النائم، كأن أبا علي الزَّغُوري يمشي في شارع الْحِيرة، ويبكي وبيده جزء من كتاب مسلم، فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: نجوت بهذا، وأشار إلى ذلك الجزء.

قال: أبو علي هذا، هو محمد بن عبد العزيز الزَّغُوري -بفتح الزاي، وضم الغين المعجمة، وبعدها واو ساكنة، ثم راء مهملة- وكانت له عناية بـ "صحيح مسلم"، والتخريج عليه، وشارع الْحِيرة هو بنيسابور، نفعنا الله الكريم بالدأب كما نفعه، آمين. انتهى (?). والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

المسألة الثانية: في بيان شروط الإمام مسلم رحمه الله تعالى في "صحيحه"

قال الشيخ أبو عمرو رحمه الله تعالى: شرط مسلم في "صحيحه" أن يكون الحديث متصل الإسناد، بنقل الثقة عن الثقة، من أوله إلى منتهاه، سالما من الشذوذ، ومن العلة. وهذا هو حد الحديث الصحيح في نفس الأمر.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: إدخال السلامة من الشذوذ في حدّ الصحيح محلّ نظر؛ لأمور:

أولها: أنه ليس للإمام مسلم نص بذلك، بل لم يُرْوَ عن أحد من أئمّة الحديث المتقدمين أنه اشترط لصحّة الحديث نفي الشذوذ المعبّر عنه بالمخالفة، وإنما الموجود من تصرّفاتهم تقديم بعض ذلك على بعضٍ في الأصحّية.

ثانيها: أنه إذا كان الإسناد متّصلًا، وكان رواته كلّهم عدولًا ضابطين، فقد انتفت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015